للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَا يَنْزِعُ عَنْ إقْرَارِهِ حَتَّى يُقْطَعَ.

ــ

٤٥٢٥ - مسألة: (ولا يَنْزِعُ عن إقْرارِه حتى يُقْطَعَ) هذا قولُ أكثرِ الفُقَهاءِ. وقال ابنُ أبى ليلى، وداودُ: لا يُقْبَلُ رجوعُه؛ لأنَّه لو أقَرَّ لآدَمِىٍّ بحَدِّ قِصاصٍ، لم يُقْبَلْ رُجوعُه عنه. ولَنا، قولُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للسَّارِقِ: «مَا إخَالُكَ سَرَقْتَ» (١). عَرَضَ له ليَرْجِعَ، [ولأنَّه حَدٌّ للَّهِ] (٢)، ثَبَت بالاعْترافِ، فقُبِل رُجوعُه عنه، كحَدِّ الزِّنى، ولأَنَّ الحُدودَ تُدْرَأ بالشُّبُهاتِ، ورُجوعُه شُبْهَةٌ؛ لاحْتِمالِ أن يكونَ كَذَب على نفْسِه في اعْتِرافِه، ولأنَّه أحَدُ حُجَّتَى القَطْعِ، فيَبْطُلُ بالرُّجوعِ عنه، كالشَّهادَةِ، ولأَنَّ حُجَّةَ القَطْعِ زالَتْ قبلَ اسْتِيفائِه، فسَقَط كما لو رَجَع الشُّهودُ. وفارَقَ حَقَّ الآدَمِىِّ؛ لأنَّه مَبْنِىٌّ على الشُّحِّ والضِّيقِ، ولو رَجَع الشُّهودُ عن الشَّهادَةِ بعدَ الحُكْمِ في حَقِّ الآدَمِىِّ، لم يَبْطُلْ برُجوعِهم، ولم يَمْنَعِ اسْتِيفاءَها. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه إذا رَجَع قبلَ القَطْعِ، سَقَط القَطْعُ، ولم يَسْقُطْ غُرْمُ المسْرُوقِ، لأنَّه حَقُّ آدَمِىٍّ، ولو أتر مَرَّة واحدةً، لَزِمَه غَرامة المسْروقِ دُونَ القَطْعِ. وإن كان رُجوعُه وقد قُطِعَ بعضُ المَفْصِلِ، لم يُتْمِمْه إن كان يُرْجَى بُرْؤه؛ لكَوْنِه قَطَع الأقَلَّ، وإن كان قَطَع الأكْثَرَ، فالمقطوعُ بالخِيارِ، إن شاءَ قَطَعَه، ليَسْتَريحَ (٣) مِن تعْليقِ


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٥٥٨.
(٢) في م: «ولأن حديثه».
(٣) في ق، م: «ويستريح».