فصل: ويَجِبُ مهرُ المثْلِ بالغًا ما بَلَغ. وبه قال الشافعيُّ، وزُفَرُ. وقال أبو حنيفةَ وصاحباه: يَجِبُ الأقَلُّ مِن المُسمَّى أو مهرِ المثلِ؛ لأنَّ البُضْعَ لا يُقَوَّمُ إلَّا بالعَقْدِ، فإذا رَضِيَتْ بأقلَّ من مهرِ مِثْلِها, لم يُقَوَّمْ بأكْثرَ ممَّا رَضِيَتْ به؛ لأنَّها رَضِيَتْ بإسْقاطِ الزِّيادةِ. ولَنا، أنَّ ما يُضْمَنُ بالعَقْدِ الفاسدِ، اعتُبِرَتْ قيمتُه بالغًا ما بَلَغَ، كالمبيعِ، وما ذكرُوه مَمْنوعٌ، لا يَصِحُّ عندَهم؛ فإنَّه لو وطِئَها وَجَب مهرُ المثْلِ، ولم يَكنْ له قيمةٌ، فَلِمَ يَجبُ؟ فإن قيل: إنَّما وَجَب لحقِّ الله تعالى. قيل: لو كان كذلك لوَجَبَ أقلُّ المهرِ ولم يَجِبْ مهرُ المثْلِ.
فصل: فأمّا إن طَلَّقها قبلَ الدُّخولِ فلها نصفُ مهرِ المِثْلِ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أصحابُ الرأْي: لها المتْعَةُ، كما لو لم يُسَمِّ لها صداقًا؛ لأنَّ هذه التَّسْميةَ كعَدَمِها. وذكَر القاضي في «الجامعِ»، أنَّه لا فَرْقَ بينَ مَن لم يُسَمِّ لها صداقًا وبينَ مَن سَمَّى لها مُحرَّمًا كالخَمْرِ، أو مَجْهولًا كالثَّوْبِ، في الجميعِ روايتان؛ إحْداهما، لها المتعةُ إذا طَلَّقَها قبلَ الدُّخولِ؛ لأنَّ ارْتِفاعَ العَقْدِ يُوجبُ رَفْعَ ما أوْجَبَه مِن العِوَضِ، كالبَيعِ، لكنْ تَركْناه في نِصْفِ المُسمَّى لتَراضِيهما عليه، فكان ما تَراضَيا عليه أَوْلَى، ففي مهرِ