للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[أو سَلَّمَتْها أو باعَتْها] (١). وأمَّا قولُه تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}. فيَحْتَمِلُ أنَّه كَنَى [بالمُسَبَّبِ عن السَّبَبِ] (٢) الذى هو الخَلْوَةُ، بدلِيلِ ما ذكَرْناه. وأمَّا قولُه: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}. فقد حُكِىَ عن الفَرَّاءِ (٣) أنَّه قال: الإِفْضاءُ الخَلْوةُ، دَخَل بها أو لم يَدْخُلْ. لأَنَّ الإِفْضاءَ مَأْخُوذٌ مِن الفَضاءِ، وهو الخالِى، فكأنَّه قال: وقد خَلَا بعْضُكم إلى بعْضٍ.

فصل: وحكمُ الخَلْوةِ حُكْمُ الوَطْءِ، في تَكْمِيلِ المَهْرِ، وَوُجوبِ العِدَّةِ، وتَحْرِيمِ أُخْتِها وأرْبَعٍ سِواها إذا طَلَّقَها حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها، وثُبُوتِ الرَّجْعَةِ له عليها في عِدَّتِها. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ: لا رَجْعَةَ له عليها إذا أقَرَّ أنَّه لم يُصِبْها. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (٤). ولأنَّها مُعْتَدَّةٌ مِن نِكاحٍ صَحيحٍ، لم يَنْفَسِخْ نِكاحُها، ولا كَمَل عَدَدُ طَلاقِها، ولا طَلَّقَها بعِوَضٍ، فكان له عليها الرَّجْعَةُ، كما لو أصابَها. ولها عليه نَفَقةُ العِدَّةِ والسُّكْنَى؛ لأَنَّ ذلك لمَن لزَوْجِها عليها الرَّجْعةُ. وتُفارِقُ الخَلْوَةُ الوَطْءَ في أنَّها لا تَثْبُتُ بها الإِباحةُ للزَّوْجِ المُطَلِّقِ ثلاثًا؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لامْرأةِ رِفاعَةَ القُرَظِىِّ: «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إلى رِفَاعَةَ؟ لَا حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ ويَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» (٥).


(١) في: المغنى ١٠/ ١٥٤: «أو باعتها وسلمتها».
(٢) في الأصل: «بالمسبب»، وفى م: «بالسبب عن المسبب». وانظر المغنى ١٠/ ١٥٤.
(٣) انظر معانى القرآن للفراء ١/ ٢٥٩.
(٤) سورة البقرة ٢٢٨.
(٥) تقدم تخريجه في ٢٠/ ٤١١.