. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثانيةِ. والقَدْرُ الَّذي يَتَعَلَّقُ به الوُجُوبُ قَدْرُ تَكبِيرَةِ الإحْرامِ، في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ. وقال الشافعيُّ: قَدْرُ رَكْعَةٍ، لأنَّه الَّذي رُوِىَ عن عبدِ الرحمنِ وابنِ عباسٍ في الحائِضِ، ولأنَّه إدْراك تَعَلَّقَ به إدْراكُ الصلاةِ، فلم يَحْصُلْ بأقَلَّ مِن رَكْعَةٍ، كإدْراكِ الجُمُعَةِ. وقد ذكَرْنا قولَ مالكٍ. ولَنا، أنَّ ما دُونَ الرَّكْعَةِ تَجِبُ به الثانيةُ، فوَجَبَتْ به الأُولَى، كالرَّكْعَةِ والخَمْسِ عندَ مالكٍ، ولأَنَّه إدْراكٌ فاسْتَوَى فيه القليلُ والكثيرُ، كإدْراكِ المُسافِرِ صلاةَ المُقِيمِ، فأمَّا الجُمُعَةُ فإنَّما اعْتُبِرَتِ الرَّكْعَةُ فيها بكمالِها؛ لأنَّ الجَماعَةَ شَرْطٌ لصِحَّتِها، فاعْتُبِرَ إدْراكُ ركعةٍ لِئَلَّا يَفُوتَه الشَّرْطُ في مُعْظَمِها، بخِلافِ مَسْأَلَتِنا.
فصل: فإن أدْرَكَ مِن وَقْتِ الأولَى مِن صَلَاتىِ الجَمْعَ قَدْرًا تَجِبُ به، ثم طَرَأ عليه العُذْرُ، ثم زال العُذْرُ بعدَ خُرُوجِ وَقْتِهما، وَجَبَتِ الأُولَى، وهل يَجِبُ قَضاءُ الثانيةِ؟ على رِوايَتَيْن؛ إحْداهما، يجِبُ ويَلْزَمُ قَضاؤُها؛ لأَنَّها إحْدَى صَلَاتِىِ الجَمْع، فوَجَبَتْ بإدْراكِ جُزْءٍ مِن وَقْتِ الأُخْرَى، كالأُولَى. والثانيةُ، لا يَجِبُ. اخْتارَها ابنُ حامِدٍ، لأنَّه لم يُدْرِكْ جُزْءًا مِن وَقْتِها، ولا مِن وقتِ تَبَعِها، فلم يَجِبْ كما لو لم يُدْرِكْ مِن وَقْتِ الأُولَى شيئًا، وفارَقَ مُدْرِكَ وقتِ الثانيةِ، فإنه أدْرَكَ وَقْتَ تَبَع الأُولَى؛ لأنَّ الأُولَى تُفْعَلُ في وقتِ الثانية مَتْبُوعَةً مَقْصُودَةً، ولأنَّ مَن لا يُجَوِّزُ الجَمْعَ في وَقْتِ الأُولَى، ليس وَقْتُ الأُولَى عندَه وقتًا للثانيةِ بحالٍ، ومَن جَوُّز الجَمْعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute