للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإذا انْضَمَّ إلى ذلك مَجِيئُه عَقِيبَ سُؤالِ الطَّلاقِ أو في حالِ الغَضبِ، قَوِىَ الظَّنُّ، فصارَ ظَنًّا غالبًا. ووَجْهُ الرِّوايةِ الأُخْرَى، أن دَلالةَ الحالِ تُغَيِّرُ حُكْمَ الأقْوالِ والأفْعالِ؛ فإنَّ مَنْ قالَ لرجلٍ: يا عفيفُ ابن العفيفِ. حالَ تَعْظِيمِه كان مَدْحًا له، وإنْ قالَه في حالِ شَتْمِه [وتَنَقُّصِه] (١) كان قذْفًا وذَما. ولو قال: إنَّه لا يَغْدِرُ بذِمَّةٍ، ولا يَظْلِمُ حَبَّةَ خَرْدَلٍ، وما أحدٌ أوْفى ذِمَّةً منه. في حالِ المدْحِ كان مَدْحًا بَلِيغًا، كما قال حسَّانُ (٢):

فما حَمَلَتْ مِن ناقَةٍ فَوْقَ رَحْلِها ... أبَرَّ وأَوْفَى ذِمَّةً مِن مُحَمَّدِ

ولو قالَه في حالِ الذَّمِّ كان هجْوًا قَبِيحًا، كقولِ النَّجَاشِىِّ (٣):

قُبَيِّلَةٌ (٤) لا يَغْدِرُونَ بِذِمَّةٍ ... ولا يَظِلمونَ النَّاسَ حَبَّةَ خَرْدَلِ

وقال آخرُ (٥):

كأنَّ رَبِّىَ لم يَخْلُقْ لخَشْيَتِه ... سِواهُمُ مِن جَميعِ النَّاسِ إنْسانًا

وهذا في هذا الموضعِ هجاءٌ قَبِيحٌ وذمٌّ، حتى حُكِىَ عن حسَّانَ أنَّه قال:


(١) في الأصل: «وتبعض».
(٢) كذا نسبه لحسان، وليس في ديوانه، وهو لأنس بن زنيم، في: السيرة ٤/ ٤٢٤، وخزانة الأدب ٦/ ٤٧٤، ولأنس ولآخرين في الإصابة ٣/ ٥، وغير منسوب في زهر الآداب ٢/ ١٠٩٣.
(٣) قيس بن عمرو بن مالك، والبيت، في: الشعر والشعراء ١/ ٣٣١، والعقد الفريد ٢/ ٢٩٧، ٦/ ١٤٥. وانظر ترجمته، في: الإصابة ٦/ ٤٩١ - ٤٩٤.
(٤) في م: «قبيلته».
(٥) هو قُرَيْط بن أُنَيف، رجل من بلعنبر بن تميم. شرح الحماسة ١/ ٣١، والبيت في الحماسة ١/ ٥٨، وفى العقد الفريد ٢/ ٢٩٧ بدون عزو.