للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن قال: اخْتارِى نفْسَكِ اليومَ، واخْتارِى نَفْسَكِ غدًا. فرَدَّتْه في اليومِ الأَوَّلِ، لم يَبْطُلْ في الثانى. وقال أبو حنيفةَ: لا يَبْطُلُ في المسألةِ الأُولَى أيضًا؛ لأنَّهما خِيَارانِ في وَقْتَيْن، فلم يَبْطُلْ أحدُهما برَدِّ الآخرِ، قياسًا على المسألةِ الثَّانيةِ. ولَنا، أنَّه خِيارٌ واحدٌ في مُدَّةٍ واحدةٍ، فإذا بَطَلَ أوَّلُه بَطَلَ ما بعدَه، كما لو كان الخِيارُ في يوم واحدٍ، وكخيارِ الشَّرْطِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّهما خِيارانِ، وإنَّما هو خِيار واحدٌ في يَوْمَيْنِ، وفارقَ ما إذا قال: اخْتارِى نفْسَكِ اليومَ، واخْتارِى نفْسَكِ غدًا. فإنَّهما خِيارانِ؛ لأَنَّ كُلَّ واحدٍ منهما (١) ثَبَت بسَبَبٍ مُفرَدٍ.

فصل: ولو خَيَّرَها شَهرًا، فاخْتارَتْ نفسَها (٢)، ثم تَزَوَّجَها، لم يَكُنْ لها عليه خِيارٌ، وعندَ أبى حنيفةَ لها الخيارُ. ولَنا، أنَّها اسْتَوْفَتْ ما جَعلَ لها في هذا العَقْدِ، فلم يَكُنْ لها في عقْدٍ ثانٍ، كما لو اشْتَرَطَ الخِيارَ في سِلْعَةٍ مُدَّةً، ثم فَسَخَ، ثم اشْتَراها بعَقْدٍ آخَرَ في تلك المُدَّةِ. ولو لم تَخْتَرْ نَفْسَها و (٣) اخْتارَتْ زَوْجَها، وطَلَّقَها الزَّوْجُ، ثم تَزَوَّجَها، بَطَل خيارُها (٢)؛ لأَنَّ الخِيارَ المَشْروطَ في عَقْدٍ لا يَثْبُت في عقدٍ سِوَاه، كما في البيعِ. والحُكمُ في قولِه: أمْرُكِ بيَدِكِ. في هذا كلِّه، كالحُكْمِ في التَّخْيِيرِ؛ لأنَّه نَوْعُ تخْيِيرٍ. ولو قال لها: اخْتارِى -أو- أمْرُكِ بيَدِك،


(١) زيادة من: الأصل.
(٢) سقط من: م.
(٣) في م: «أو».