طالقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ، أو جُزْءًا منها وإن قَلَّ. وقَعَ طَلْقَةٌ كاملةٌ، في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ، إلَّا داودَ، قال: لا تَطْلُقُ بذلك. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كُلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ، أنَّها تَطْلُقُ بذلك؛ منهم الشَّعْبِىُّ، والحارِثُ العُكْلِىُّ، والزُّهْرِىُّ، وقَتادةُ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى، وأبو عُبَيْدٍ. قال أبو عُبَيْدٍ: وهو قولُ مالكٍ، وأهلِ الحجازِ، وأهلِ العِراقِ، وذلك لأَنَّ ذِكْرَ ما لا يتَبَعَّضُ في الطَّلاقِ ذكْرٌ لجَمِيعِه, كما لو قال: نِصْفُكِ طالقٌ. فإن قال: نِصْفَىْ طَلْقَةٍ. وقَعَتْ طَلْقَةٌ؛ لأَنَّ نِصْفَى الشَّئِ كُلُّه. وإن قال: أنت طالقٌ نِصْفَ طَلْقَتَيْن. طَلُقَتْ (١) واحدةً؛ لأَنَّ نِصْفَ الطَّلْقَتَيْن طَلْقَةٌ. وذَكَرَ أصحابُ الشافعىِّ وَجْهًا آخَرَ، أنَّه يقَعُ طَلْقتانِ؛ لأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِى النِّصْفَ من كُلِّ واحدةٍ منهما، ثم يُكَمَّلُ. وما ذكَرْناه أوْلَى؛ لأَنَّ التَّنْصِيفَ يتَحَقَّقُ به، وفيه عَمَلٌ باليَقِينِ، وإلْغاءُ الشَّكِّ، وإيقاعُ ما أوْقَعَه مِن غيرِ زيادةٍ، فكان أوْلَى.