للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يقعُ بغيرِ المدْخولِ بها شئٌ. بِنَاءً على قوْلِهم في السُّرَيْجِيَّةِ (١). وقال أبو بكرٍ، وأبو الخَطَّابِ: يقَعُ اثْنَتانِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه اسْتحالَ (٢) وُقوعُ الطَّلْقَةِ الأُخْرَى قَبْلَ الطَّلْقَةِ المُوقَعَةِ، فوقَعَتْ معها؛ لأنَّها لَمَّا تأَخَّرَت عن الزَّمنِ الذى قَصَد إيقاعَها فيه لكَوْنِه زمنًا ماضِيًا، وَجَبَ إيقاعُها في أقْرَبِ الأزْمِنَةِ، وهو معها، ولا يَلْزَمُ تأَخُّرُها إلى ما بعدَها؛ لأَنَّ قبلَه زمَنًا يُمْكِنُ الوُقوعُ فيه، وهو زَمنٌ قَرِيبٌ، فلا يُؤَخَّرُ إلى البَعيدِ. ولَنا، أنَّ هِذا طَلاقٌ بعْضُه قبلَ بعضٍ، فلم يقَعْ بغيرِ المدْخولِ بها جَميعُه, كما لو قال: طَلْقةً بعدَ طلقةٍ. أو قال: أنتِ طالقٌ طلقةً غدًا وطَلْقةً اليومَ. ولو قال: جاءَ زيدٌ بعدَ عمرٍو، أو: جاء زيدٌ وقبلَه عمرٌو. أو: أعْطِ زيدًا بعدَ عمرٍو. كان كلامُه صحيحًا، يُفِيدُ تأخيرَ المُتقدِّمِ لفظًا عن المذْكُورِ بعدَه، وليس هذا طَلاقًا في زَمَنٍ ماضٍ، وإنَّما يقَعُ إيقاعُه في المُسْتَقْبَلَ على الوَجْهِ الذى رَتَّبَه، ولو قُدِّرَ أنَّ إحْداهما مُوقَعَةٌ


(١) سميت السريجية، نسبة لأبى العباس ابن سريج، وسيأتى بيانها في صفحة ٥٠٦, ٥٠٧.
(٢) في م: «استكمال».