لم يَرِثْها؛ وذلك لأنَّها تَطْلُقُ في آخِرِ حياتِه، فأشْبَهَ طَلاقَه لها في تلك الحالِ. ونحوَ هذا قال عطاءٌ، ويحيى الأنْصارِيُّ. ويتَخَرَّجُ لنا أنَّها لا تَرِثُه أيضًا. وهذا قولُ سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والحسنِ، والشَّعْبِيِّ، وأبي عُبَيدٍ؛ لأنَّه إنَّما طَلَّقَها في صِحَّتِه، وإنَّما تَحَقَّقَ شَرْطُ وُقوعِه في المرضِ، فلم تَرِثْه، كما لو عَلَّقَه على فِعْلِها، ففَعَلَتْه في مَرَضِه. وقال أبو حنيفةَ: إن حَلَفَ إن لم تَأْتِ البَصْرَةَ فأنتِ طالقٌ. فلم تَفْعَلْ، فإنَّهما لا يَتوارَثانِ، وإن قال: إن لم آتِ البصرةَ فأنتِ طالقٌ. فماتَ، وَرِثَتْه، وإن ماتَت لم يَرِثْها؛ فإنَّه في الأُولَى عَلَّقَ الطَّلاقَ على فِعْلِها، فإذا امْتَنَعتْ منه، فقد حَقَّقَتْ شَرْطَ الطَّلاقِ، فلم تَرِثْه، كما لو قال: إن دَخَلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالقٌ. فدَخَلَتْها، وإذا عَلَّقَه على فِعْلِ نفْسِه، فامْتَنَعَ، كان الطّلاقُ منه، فأشْبَهَ ما لو نَجَزَه في الحالِ. ووَجْهُ الأوَّلِ أنَّه طَلاقٌ في مرضِ مَوْتِه، فمنعَه مِيراثَه (١)، ولم يَمْنَعْها، كما لو طَلَّقَها ابتداءً، ولأن الزّوجَ أخَّرَ الطَّلاقَ اخْتِيارًا منه حتى وقعَ ما عَلَّقَ عليه في مرضِه، فصارَ كالمُباشِرِ له. فأمَّا ما ذُكِرَ عن أبي حنيفةَ، فحسَنٌ إذا كان الفِعْلُ ممّا لا مَشَقَّةَ عليها فيه؛ لأنَّ تَرْكَها له كفِعْلِها لِما حَلَف عليها لتَتْرُكَه، وإن كان ممَّا فيه مَشَقّةٌ، فلا يَنْبَغِي أن يَسْقُطَ مِيراثُها بتَرْكِه، كما لو حَلَفَ عليها بتَرْكِ ما لا بُدّ لَها مِن فِعْلِه.