يَعْرِفَها بعَينها أو صِفَتِها، أو يأكُلَ التَّمْرَ كُلَّه، أو الجانبَ الذي وَقَعَتْ فيه كلَّه، فيَحْنَثُ بلا خلافٍ بينَ أهلِ العِلْمِ؛ لأنَّه أكلَ التَّمرةَ المحْلُوفَ عليها. الثَّاني، أنَّ يتَحَقَّقَ أنَّه لم يَأكُلْها، إمَّا بأن لا يأكُلَ مِنَ التَّمْرِ شيئًا، أو يأكُلَ شيئًا يَعْلَمُ أنَّه غيرُها، فلا يَحْنَثُ أيضًا بلا خلافٍ، ولا يَلْزَمُه اجْتِنابُ زَوْجَتِه. الثَّالثُ، أكلَ مِن التمرِ شيئًا، واحدةً أو أكثَرَ، إلى أن لا تَبْقَى منه إلَّا واحدة، ولم يَدْرِ أكَلَها أو لا؟ فهذه مسْألَةُ الخِرَقِيِّ، ولا يتَحَقَّقُ حِنْثُه؛ لأنَّ الباقِيَةَ يَحْتَمِلُ أنَّها المحْلوفُ عليها، ويَقِينُ النِّكاحِ ثابِتٌ، فلا يَزُولُ بالشكِّ. وهذا قولُ الشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأي. فعلى هذا، يكونُ حُكْمُ الزُّوْجِيَّةِ باقِيًا في لُزُومِ نَفَقَتِها، وكُسْوَتِها، ومَسْكَنِها، وسائِرِ أحْكامِها، إلَّا في الوَطْءِ؛ فإنَّ الخِرَقِيَّ قال. يُمْنَعُ مِن وَطْئِهَا، لأنَّه شاكٌّ في حِلِّها، فحَرُمَتْ عليه، كما لو اشْتَبَهَتْ عليه امْرأتُه بأجْنَبيَّةٍ. وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ أنَّها باقِيَةٌ على الحِلِّ. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ الأَصْلَ الحِلُّ، فلا يَزُولُ بالشَّكِّ، كسائرِ أحْكام النِّكاحِ، ولأنَّ النِّكاحَ باقٍ حُكْمًا (١)، فأثْبَتَ الحِلَّ، كما لو شَكَّ هل طَلَّقَ أو لا؟ وإن كانت يَمِينُه: ليَأكُلَنَّ هذه التَّمرةَ. فلا يتَحَقَّقُ بِرُّه حتى يَعْلَمَ أنَّه أكَلَها.