وقال القاضي: إن قُلْنا بتَعْجيلِ الفُرْقَةِ بالرِّدَّة، لم تَصِحَّ الرجْعَةُ؛ لأنها قد بانَتْ بها. وإن قُلْنا: لا تُتَعَجَّلُ الفُرْقَةُ. فالرَّجْعَةُ مَوْقُوفَةٌ، إن أسْلَمَ المُرْتَدُّ منهما في العِدَّةِ، صَحَّتِ الرَّجْعَةُ؛ لأنَّنا تَبَيَّنَّا أنَّه ارْتَجَعَها في نِكاحِه، ولأنَّه نَوْعُ إمْساكٍ، فلم تَمْنَعْ منه الرِّدَّةُ، كما لو لم يُطَلِّقْ، وإن لم يُسْلِمْ في العِدَّةِ تَبَيَّنَّا أنَّ الفُرْقَةَ وَقَعَتْ قبلَ الرَّجْعَةِ. وهذا قَوْلُ المُزَنِيِّ. واخْتِيارُ ابنِ حامدٍ. وهكذا يَنْبَغِي أن يكونَ فيما إذا راجَعَها بعدَ إسْلامِ أحَدِهما.
فصل: قد ذَكرنا أنَّ مَن طَلَّقَ طلاقًا بغَيرِ عِوَضٍ، فله رَجْعَةُ زَوْجتِه ما دامَتْ في العِدَّةِ، إذا كان طلاقُ الحُرِّ أقَلَّ مِن ثلاثٍ، أو العبدِ واحدةً. فعلى هذا، إن كانت حامِلًا باثْنينِ، فوَضَعَتْ أحَدَهما، فله مُراجَعَتُها ما لم تَضَعِ الثَّانِيَ. هذا قولُ عامَّةِ العُلَماءِ، إلَّا أنَّه حُكِيَ عن عِكْرِمَةَ أنَّ العِدَّةَ تَنْقَضِي بوَضْعِ الأوَّلِ. وما عليه سائِرُ أهْلِ العِلْمِ أصَحُّ؛ فإنَّ العِدَّةَ لا تَنْقَضِي إلَّا بوَضْعِ الحَمْلِ كلِّه؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}(١). واسْمُ الحَمْلِ مُتَناولٌ لكُلِّ ما في