للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صَحَّتِ المُرَاجَعَةُ؛ لأنَّها لا تَفْتَقِرُ إلى رِضاها، فلم تَفْتَقِرْ إلى عِلْمِها، كطلاقِها. فإذا راجَعَها ولم تَعْلَمْ، فانْقَضَتْ عِدَّتُها، وتَزَوَّجَت، ثم جاء وادَّعَى أنَّه كان راجعَهَا قبلَ انْقِضاءِ عِدَّتِها، وأقامَ البَيِّنةَ على ذلك، ثَبَتَ أنَّها زَوْجَتُه، وأنَّ نِكاحَ الثَّاني فاسِدٌ؛ لأنَّه تَزَوَّجَ امْرَأةَ غيرِه، وتُرَدُّ إلى الأوَّلِ، سَواءٌ دَخَلَ بها الثَّاني (١) أو لم يَدْخُلْ. وهذا هو الصَّحِيحُ. وهو قَوْلُ أكثَرِ الفُقَهاءِ؛ منهم الثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وأبو عُبَيدٍ، وأصحابُ الرَّأْي. ورُوِيَ ذلك عن عليٍّ، رَضِيَ الله عنه. ورُوِيَ عن أبي عبدِ اللهِ، رَحِمَه اللهُ، رِوايَةٌ ثانِيَةٌ، إن دَخَلَ بها الثَّانِي، فهي امْرأتُه، ويَبْطُلُ نِكاحُ الأوَّلِ. رُويَ ذلك عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عنه. وهو قول مالكٍ. ورُوِيَ مَعْناه عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وعبدِ الرَّحمنِ بنِ القاسمِ، ونافعٍ؛ لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما عَقَدَ عليها وهي ممَّن يَجوزُ العَقْدُ عليها في الظَّاهِرِ، ومع الثَّانِي مَزِيَّةُ الدُّخول، فقُدِّمَ بها. ولَنا، أنَّ الرَّجْعَةَ قد صَحَّتْ، وتَزَوَّجَتْ وهي زَوْجَةُ الأوَّلِ، فلم يَصِحَّ نِكاحُها، كما لو لم يُطَلِّقْها. إذا ثَبَتَ هذا، فإن كان الثَّانِي ما دَخَلَ بها، فُرِّقَ بينَهما، ورُدَّت إلى الأوَّلِ، ولا شيءَ على الثَّانِي. وإن كان دَخَلَ بها، فلها عليه مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّ هذا وَطْءُ شُبْهَةٍ، وتَعْتَدُّ، ولا تَحِلُّ للأوَّلِ حتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُها منه.


(١) سقط من: م.