للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فالقَوْلُ قَوْلُها؛ لأنَّه يَدَّعِي ما يُسْقِطُ النَّفَقَةَ، والأصْلُ وُجُوبُها، فلا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. فإنِ ادَّعَتْ ذلك ولم يَكُنْ لها نَفَقَةٌ، قُبِلَ قَوْلُها؛ لأنَّها تُقِرُّ على نَفْسِها بما هو أغْلَظُ. ولو انْعَكَسَ الحالُ، فقال: طَلَّقْتُكِ في ذِي القَعْدَةِ، فَلِي رَجْعَتُكِ. قالتْ: بلْ طَلَّقْتَنِي في شَوَّالٍ، فلا رَجْعَةَ لك. فالقَوْلُ قَوْلُه؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ نِكاحِه، ولأنَّ القَوْلَ قَوْلُه في إثْباتِ الطَّلاقِ ونَفْيِه، فكذلك في وَقْتِه. إذا ثَبَت ذلك، فكلُّ مَوْضِعٍ قُلْنا: القَوْلُ قَوْلُها. فأنْكَرَها الزَّوْجُ، فقال الخِرَقِيُّ: عليها اليَمِينُ. وهو قولُ الشافعيِّ، وأبي يوسفَ، ومحمدٍ. وقد أوْمأ إليه أحمدُ في رِوايَةِ أبي طالِبٍ. وقال القاضي: قِياسُ المَذْهَبِ أن لا يَجِبَ عليها يَمِينٌ. وقد أوْمَأ إليه أحمدُ أَيضًا، فقال: لا يَمِينَ في نِكاحٍ ولا طَلاقٍ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنّ الرَّجْعَةَ لا يَصِحُّ بَذْلُها، فلا يُسْتَحْلَفُ فيها، كالحُدُودِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لقولِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اليَمِينُ عَلَى المُدّعَى عَلَيهِ» (١). ولأنَّه حَقُّ آدَمِيٍّ يُمْكِنُ صِدْقُ مُدَّعِيه، فتَجِبُ اليَمِينُ فيه، كالأمْوالِ. فإن نَكَلَتْ عنِ اليَمِينِ، فقال القاضي: لا يُقْضَى بالنُّكُولِ؛ لأنه ممَّا (٢) لا يَصِحُّ بَذْلُه. قال شيخُنا (٣): ويَحْتَمِلُ أن يُسْتَحْلَفَ الزَّوْجُ، وله رَجْعَتُها، بناءً (٢) على القَوْلِ بِرَدِّ اليَمِينِ على المُدَّعِي؛ لأنَّه لمَّا وُجِدَ النُّكُولُ منها،


(١) تقدم تخريجه في ١٢/ ٤٧٨.
(٢) سقط من: م.
(٣) في: المغني ١٠/ ٥٦٧.