المَعْذُورِ، ويُمْهَلَ حتى يصومَ، كقَوْلِنا في المُحْرِمِ. فإن وَطِئَها فقد عَصَى، وانْحَلَّ إيلاؤُه. ولها مَنْعُه؛ لأنَّه وَطْءٌ مُحَرَّمٌ عليهما. وقال القاضي: يَلْزَمُها التَّمْكِينُ، وإنِ امْتَنَعَتْ سَقَطَ حَقُّها؛ [لأنَّ حقَّها](١) في الوَطْءِ، وقد بَذَلَه لها، ومتى وَطِئَها فقد وَفَّاها حَقَّها، والتَّحْرِيمُ عليه دُونَها. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ حرامٌ، فلا يَلْزَمُ التَّمْكِينُ منه، كالوَطْءِ في الحَيضِ والنِّفاسِ، وهذا يَنْقُضُ دَلِيلَه. ولا نُسَلِّمُ أنَّ التَّحْرِيمَ عليه دُونَها؛ فإنَّ الوَطْءَ متى حَرُمَ على أحَدِهما حَرُمَ على الآخَرِ؛ لكَوْنِه فِعْلًا واحدًا، ولو جازَ اخْتِصاصُ أحَدِهما بالتَّحْرِيمِ، لاخْتَصَّتِ المرأةُ بتَحْرِيم الوَطْءِ في الحَيضِ والنِّفاسِ وإحْرامِها وصِيَامِها؛ لاخْتِصاصِها بسَبَبِه.
فصل: وإنِ انْقَضَتِ المُدَّةُ وهو مَحْبُوسٌ بحَقِّ يُمْكِنُه أداؤُه، طُولِبَ بالفَيئَةِ؛ لأنَّه قادِرٌ عليها بأداءِ ما عليه، فإن لم يَفْعَلْ أُمِرَ بالطَّلاقِ. وإن كان عاجِزًا عن أدائِه، أو حُبِسَ ظُلْمًا، أُمِرَ بفَيئَةِ المَعْذُورِ. وإنِ انْقَضَتْ وهو غائِبٌ والطَّرِيقُ آمِنٌ، فلَها أنْ تُوَكِّلَ مَن يُطالِبُه بالمَسِيرِ إليها، أو حَمْلِها إليه، فإن لم يَفْعَلْ، أُخِذَ بالطَّلاقِ. وإن كان الطَّرِيقُ مَخُوفًا، أو له عُذرٌ يَمْنَعُه، فاءَ فَيئَةَ المَعْذُورِ.
فصل: فإن كان مَغْلُوبًا على عَقْلِه بجُنُونٍ أو إغْماءٍ، لم يُطالبْ؛ لأنَّه