فصل: وإن قال: أنتِ عليّ كظَهْرِ (١) أمِّي حرامٌ. فهو صَريحٌ في الظِّهارِ، لا ينْصَرِفُ إلى غيرِه، سواءٌ نَوَى الطَّلاقَ أو لم يَنْوه. وليس فيه اخْتِلافٌ بحَمْدِ اللهِ؛ لأنَّه صَرَّحَ بالظِّهارِ، وبَيَّنَه بقَولِه: حرامٌ. وإن قال: أنتِ عليَّ حرامٌ كظهرِ أمِّي. أو: كأمِّي. فكذلك. وبه قال أبو حنيفةَ، وهو أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. والقَوْلُ الثَّانِي، إذا نَوَى الطَّلاقَ فهو طَلاقٌ. وهو قولُ أبي يوسُفَ ومحمدٍ، إلَّا أنَّ أبا يوسُفَ قال: لا أقْبَلُ قَوْلَه في نَفْي الظِّهارِ. ووَجْهُ قوْلِهم، أنَّ قَوْلَه: أنتِ عليَّ حرام. إذا نَوَى به الطَّلاقَ فهو طلاقٌ، وزِيادَةُ قَوْلِه: كظَهْرِ أمِّي. بعدَ ذلك لا تَنْفِي الطَّلاقَ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ كظَهْرِ أمِّي. ولَنا، أنَّه أتَى بصَريحِ الظِّهارِ، فلم يَكُنْ طَلاقًا، كالتي قَبْلَها. وقَوْلُهم: إنَّ التَّحْريمَ مع نِيَّةِ الطَّلاقِ طَلاق. لا نُسَلِّمُه. وإن سَلَّمْناه لكنَّه فَسَّرَ لَفْظَه ها هُنا بصَرِيحِ الظِّهارِ بقولِه، فكان العملُ بصَرِيحِ القَوْلِ أولَى مِن العَملِ بالنيةِ.
فصل: وإن قال: أنتِ طالقٌ كظَهْرِ أمِّي. طَلُقَتْ، وسَقَطَ قَوْلُه: كظَهرِ أمِّي. لأنَّه أتَى بصَريحِ الطَّلاقِ أوَّلًا، وجَعَلَ قوْلَه: كظهرِ أمِّي. صِفَة له. فإن نَوَى بقولِه: كَظَهْرِ أمِّي. تَأكِيدَ الطَّلاقِ، لم يكُنْ ظِهارًا، كما لو أطْلَقَ. وإن نَوَى به الظِّهارَ، وكان الطَّلاقُ بائِنًا، فهو كالظهارِ مِن الأجْنَبِيَّةِ؛ لأنَّه أتَى به بعدَ بَينُونَتِها بالطَّلاقِ. وإن كان رَجْعِيًّا، كان ظِهارًا صَحِيحًا. ذكَرَه القاضي. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه أتَى بلَفْظِ الظهارِ