للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فجاء رجل حتى جلَسَ إلينا، فسألْتُه: مَن أنْتَ؟ فقال: أنا مَوْلًى لعائِشَةَ بنتِ طَلْحَةَ، أعْتَقَتْنِي عن ظِهارِها، خَطَبَها مُصْعَبُ بنُ الزُّبَيرِ، فقالت: هو عليّ كظَهْرِ أبي إن تزَوَّجْتُه. ثم رَغِبَتْ فيه بَعْدُ، فاسْتَفْتَتْ أصحابَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهم يومَئذٍ كثير، فأمَرُوها أن تُعْتِقَ رَقَبَةً وتَتَزَوَّجَه، فَتَزَوَّجَتْه وأعْتَقَتْني. ورَوى سعيدٌ (١) هذَينِ الخَبَرَين (٢) مُخْتَصَرَين. ولأنَّها زَوْجٌ أتَى بالمُنْكَرِ مِن القَوْلِ والزورِ، فلَزِمَه كفّارَةُ الظِّهارِ كالآخَرِ، ولأنَّ الواجِبَ كفَّارَةُ يَمِين، فاسْتَوَى فيها الزَّوْجانِ، كاليَمِينِ باللهِ تعالى. والرِّوايَةُ الثَّانِيَةُ، عليها كفَّارَةُ يَمِينِ. قال أحمدُ: قد ذهبَ عَطاءٌ مذْهَبًا حَسَنًا، جَعَلَه بمَنْزِلَةِ مَن حَرَّمَ على نفْسِه شيئًا [مثلَ الطَّعامِ] (٣) وما أشْبَهَه. وهذا أقْيَسُ على مذهبِ أحمدَ وأشْبَهُ بأصُولِه؛ لأنه ليس بظِهارٍ، ومُجَرَّدُ المُنْكَرِ مِن القَوْلِ والزورِ لا يُوجبُ كفَّارَةَ الظهارِ، بدليلِ سائرِ الكَذِبِ، والظِّهارِ قبلَ العَوْدِ، والظِّهارِ مِن أمَتِه وأمِّ وَلَدِه، ولأنَّه تحْريمٌ لا يُثْبِتُ التَّحْريمَ في المَحَلِّ، فلم يُوجب كفَّارَةَ الظهارِ، كتَحْريمِ سائرِ الحَلالِ، ولأنَّه ظِهارٌ مِن غيرِ امْرأتِه، فأشْبَهَ الظِّهارَ مِن


(١) في: باب ما جاء في ظهار النساء، من كتاب الطلاق. السنن ٢/ ١٩، ٢٠.
كما أخرج الأول عبد الرزاق، في: باب ظهارها قبل نكاحها، من كتاب الطلاق. المصنف ٦/ ٤٤٤. والدارقطني، في: سننه ٣/ ٣١٩.
(٢) في الأصل: «الحديثين».
(٣) في م: «كالطعام».