للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} (١). فالمُظاهِرُ مُحَرِّمٌ للوَطْءِ على نَفْسِه، ومانِعٌ لها منه، فالعَوْدُ فِعْلُه. وقوْلُهم: إن العَوْدَ يَتَقَدَّمُ التَّكْفِيرَ، والوَطْءَ يتَأخَّرُ عنه. قُلْنا: المُرادُ بقَوْلِه: {ثُمَّ يَعُودُونَ}. أي يُرِيدُونَ العَوْدَ، كقَوْلِه تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} (٢). أي أرَدْتُمْ ذلك. وقولِه تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (٣). فإن قيلَ: هذا تأْويلٌ، وهو رُجُوع إلى وُجُوب الكفَّارَةِ بالعَزْمِ المُجَرَّدِ. قُلْنا: دليلُ التاويلِ ما ذَكَرْنا، وأمَّا الأمْرُ بالكفَّارَةِ عندَ العَزْمِ، فإنَّما أمَرَ بها شَرْطًا للحِلِّ، كالأمْرِ بالطَّهارَةِ (٤) لمَن أرادَ النَّافِلَةَ، والأمْرِ بالنيةِ لمن أرادَ الصيامَ. فأمَّا الإِمْساكُ فليس بعَوْدٍ؛ لأنَّه ليس بعَوْدٍ في الظهارِ المُؤَقَّتِ، فكذلك في المُطْلَق، ولأنَّ العَوْدَ فِعْلُ ضِدِّ ما قاله، والإمْساكُ ليس بضِدٍّ له. وقوْلُهم: إنَّ الظِّهارَ يَقْتَضِي إبانَتَها. مَمْنُوعٌ، وإنَّما يَقْتَضِي تَحْرِيمَها واجْتِنابَها، ولذلك صَحَّ تَوْقِيتُه، ولأنَّه قال: {ثُمَّ يَعُودُونَ}. و «ثُمَّ» للتَّراخِي، والإمْساكُ غيرُ مُتَراخٍ. وأمَّا قولُ داودَ


(١) سورة المجادلة ٨.
(٢) سورة المائدة ٦.
(٣) سورة النحل ٩٨.
(٤) في الأصل، تش: «بالظهار».