والنِّفاسُ غيرُ مُمْكِنٍ التَّحَرُّزُ منه. قُلْنا: قد يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِن النِّفاسِ، بأن لا تَبْتَدِئَ الصَّومَ في حالِ الحَمْلِ، ومِن الحَيضِ إذا كان طُهْرُها يَزِيدُ على الشَّهْرَين، بأن تَبْتَدئَ الصَّومَ عَقِيبَ طُهْرِها مِن الحَيضَةِ، ومع هذا لا يَنْقَطِعُ التَّتابُعُ به، ولا يجوزُ للمَأْمُوم مُفارَقَةُ إمامِه لغيرِ عُذْرٍ، ويَجوزُ أن يَدْخُلَ معه المَسْبُوقُ، مع عِلْمِه بلُزومِ مُفارَقَتِه قبلَ إتْمامِها. ويتَخَرَّجُ في أيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّه يَصُومُها عنِ الكفَّارَةِ، ولا يُفْطِرُ إلَّا يومَ النَّحْرِ وحدَه. فعلَى هذا، إن أفْطَرَ ما اسْتَأْنَف؛ لأنَّها أيَّامٌ أمْكَنَه صِيامُها في الكفَّارَةِ، فَفِطْرُها يقْطَعُ التَّتابُعَ كغيرِها. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إنِ ابْتَدَأَ الصَّوْمَ مِن أوَّلِ شعبانَ، أجْزَأه صومُ شعبانَ عن شهر، وإن كان ناقِصًا، وأمَّا شَوَّالٌ، فلا يجوزُ أن يَبْتَدِئَ مِن أوَّلِه؛ لأنَّ أوَّلَه يومُ الفِطْرِ، وصومُه حرامٌ، فيَشْرَعُ فيه مِن اليومِ الثَّانِي، ويُتَمِّمُ شَهْرًا بالعَدَدِ ثلاثين، وإن بَدَأ مِن أوَّلِ ذِي الحِجَّةِ إلى آخِرِ المُحَرَّمِ، قَضَى أرْبَعَةَ أيَّامٍ، وأجْزَأه؛ لأنَّه بَدَأ الشهرين (١) مِن أوَّلِهما. ولو ابْتَدَأ صَوْمَ الشَّهْرَين مِن يومِ الفِطْرِ، لم يَصِحَّ صَوْمُ يومِ الفِطْرِ، ويصِحُّ صَوْمُ بَقِيَّةِ الشَّهْر، وصَوْمُ ذِي القَعْدَةِ، ويُحتَسَبُ له بذِي القَعْدَةِ، وإن كان ناقِصًا؛ لأَنَه بَدَأه مِن أوَّلِه، وأمَّا شَوَّالٌ، فإن كان تامًّا صامَ يومًا مِن ذي الحِجَّةِ، وإن كان ناقِصًا، صامَ يَوْمَين؛ لأنَّه لم يَبْدَأه مِن أوَّلِه. وإنَّ بَدَأ بالصِّيامِ مِن أوَّلِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، وقُلْنا: يَصِحُّ صَوْمُها عن الفَرْضِ. فإنَّه يُحْتَسَبُ له