للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأبي عبدِ اللهِ: رجُلٌ أخَذَ ثلاثةَ عشَرَ رَطْلًا وثُلُثًا دَقِيقًا، وهو كفَّارَةُ اليَمِينِ، فخَبَزَه للمساكينِ، وقَسَمَ الخُبْزَ على عشَرةِ مَساكِينَ، أيُجْزِئُه ذلك؟ قال: ذلك أعْجَبُ إليَّ، والذي جاءَ فيه الحَدِيثُ أن يُطْعِمَهُم مُدَّ بُرٌّ، وهذا إن فَعَلَ فأرْجُو أن يُجْزِئَه. قلتُ: إنَّما قال اللهُ تعالى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}. فهذا قد أطْعَمَهم، وأوْفَاهم المُدَّ. قال: أرْجُو أن يُجْزِئَه. وهذا قولُ بعْضِ أصحابِ الشافعيِّ. ونَقَلَ الأثْرَمُ، في موضِعٍ آخَرَ، أنَّ أحمدَ سألَه رجلٌ عن الكفَّارَةِ، قال: أُطْعِمُهم خُبْزًا وتَمْرًا؟ قال: ليس فيه تَمْرٌ. قال: فخُبْزٌ؟ قال: لا، ولكن بُرًّا أو دَقِيقًا بالوَزْنِ، رَطْلٌ وثُلُثٌ لكُلِّ مِسْكينٍ. فظاهِرُ هذا أنَّه لا يُجْزِئُه. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه خرَجَ عن حالةِ الكَمَالِ والادِّخارِ، فأَشْبَه الهَرِيسَة. قال شيخُنا (١): والأوَّلُ أحْسَنُ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}. وهذا مِن أوْسَطِ ما يُطْعِمُ أهْلَه، وليس الادِّخارُ مقْصُودًا في الكفَّارَةِ، فإنَّها مُقَدَّرَة بما يَقُوتُ المسكينَ في يومِه، فيدُلُّ ذلك على أنَّ المقْصُودَ كفَايَتُه في يومِه، وهذا قَد هَيَّأَه للأكْلِ


(١) في: المغني ١١/ ١٠٠.