للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخَطَّابِ: عندِي أنَّه يجْزِئُه الإِخْراجُ مِن جميعِ الحُبُوب التي هي قُوتُ بَلَدِه؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (١). وهذا ممَّا يُطْعِمُه أهْلَه، فوَجَبَ أن يُجْزِئَه بظاهرِ النَّصِّ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. فإن أخْرَجَ عن (٢) قُوتِ بَلَدِه، أجْوَدَ منه، فقد زادَ خيرًا.

فصل: وإخْراجُ الحَبِّ أفْضَلُ عندَ أبي عبدِ اللهِ؛ لأنَّه يَخْرُجُ به مِن الخِلافِ، وهي حالة كَمالِه؛ لأنَّه يُدَّخَر فيها، ويَتَهَيَّأُ لمنافِعِه كُلِّها، بخِلافِ غيرِه. فإن أخْرَجَ دَقِيقًا، جاز، لكنْ يَزِيدُ على المُدِّ قَدْرًا يَبْلُغُ المُدَّ حَبًّا، أو يُخْرِجُه بالوَزْنِ؛ لأنَّ الحَبَّ يَرُوعُ (٣)، فيكونُ في مِكْيَالِ الحَبِّ أكثرُ ممَّا يكونُ في مِكْيالِ الدَّقِيقِ. قال الأثْرَمُ: قِيل لأبي عبدِ اللهِ: فيُعْطِي البُرَّ والدَّقِيقَ؟ قال: أمَّا الذي جاءَ فالبُرُّ، ولكن إن أعْطاهُم الدَّقِيقَ بالوزنِ، جازَ. وقال الشافعيُّ: لا يُجْزِئُ؛ لأنَّه ليس بحَالِ الكَمالِ، لأجْلِ ما يَفوتُ به مِن وُجُوهِ الانْتِفاعِ، فأشْبَهَ الهَرِيسَةَ. ولَنا، قولُ اللهِ تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}. والدَّقِيق مِن أوْسَطِ ما يُطْعِمُه أهلَه، ولأنَّ الدَّقِيقَ أجْزَاءُ الحِنْطَةِ، وقد كَفاهم مُؤْنَتَه وطَحْنَه، وهَيَّأه وقَرَّبَه مِن الأكْلِ، وفارَقَ


(١) سورة المائدة ٨٩.
(٢) كذا في النسخ، وفي المغني ١١/ ٩٩: «غير».
(٣) كذا ورد في النسخ، وراعت الحنطة، تريع: نمت وزادت، أي يكون له زيادة وفضل.