للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ضَرُورةً، فجَعَلْنا ما نَفَاه تابِعًا لِما اسْتَلْحَقَه، ولم يُجْعَلْ ما أقَرَّ به تابِعًا لِما نَفَاه؛ لأنَّ النَّسَبَ يُحْتاطُ لإِثْباتِه لا لِنَفْيه، ولهذا لو أتَتِ امرأتُه بوَلَدٍ يُمْكِنُ كونُه منه، ويُمْكِنُ كونُه مِن غيرِه، أَلْحَقْناه به احْتِياطًا، ولم نَقْطَعْه عنه احْتِياطًا لِنَفْيه. فعلى هذا، إن كان قد قَذَفَ أُمَّهما (١) فطالبَتْه بالحَدِّ، فله إسْقاطُه باللِّعانِ. وحُكِيَ عن القاضي، أنَّه يُحَدُّ، ولا يَمْلِكُ إسْقاطَه باللِّعانِ. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه باسْتِلْحاقِه اعْتَرَفَ بكَذِبِهِ في قَذْفِه، فلم يُسْمَع إنْكارُه بعدَ ذلك. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه لا يَلْزَمُ مِن كونِ الوَلَدِ منه انْتِفاءُ الزِّنَى عنها، كما لا يَلْزَمُ مِن وُجُودِ الزِّنَى كونُ الوَلَدِ منه، ولذلك لو أقَرَّتْ بالزِّنَى، أو قامت به (٢) بَيِّنَة، لم يَنْتَفِ الوَلَدُ عنه، فلا تَنافِيَ بينِ لِعانِه وبينَ اسْتَلْحَاقَه للولَدِ. فإنِ اسْتَلْحَقَ أحَدَ التَّوْأمَينِ وسَكَتَ عن الآخرِ، لَحِقَه؛ لأنَّه لو نَفَاه لَلَحِقَه، فإذا سَكَتَ عنه كان أَوْلَى، ولأنَّ امْرَأتَه متى أتَتْ بوَلَدٍ، لَحِقَه ما لم يَنْفِه عنه باللِّعانِ. وإن نَفَى أحَدَهما، وسَكَتَ عن الآخَرِ، لَحِقَاهُ جميعًا. فإن قيل: ألَا نَفَيتُم المَسْكُوتَ عنه؛ لأنَّه قد نَفَى أخاه، وهما حَمْلٌ واحدٌ؟ قُلْنا: لُحُوقُ النَّسَبِ مَبْنِيٌّ على التَّغلِيبِ، وهو يَثْبُتُ بمُجَرَّدِ الإمكانِ وإن لم يَثْبُتِ الوَطْءُ، ولا يَنْتَفِي لإِمْكانِ النَّفْي،


(١) في الأصل: «أمها».
(٢) سقط من: الأصل.