للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحق المَتْرُوكَ يُورَثُ، وهذا ليس بمَتْرُوكٍ، وأمَّا حَقُّ القِصاصِ، فإنَّه حقٌّ يجوزُ الاعْتِياضُ عنه، ويَنْتَقِلُ إلى المالِ، بخِلافِ هذا. فأمَّا إن طالبَ به ثم مات، فإنَّه يَرِثُه العَصَباتُ مِن النَّسَبِ دُونَ غيرِهم؛ لأنَّه حَق ثَبَتَ لدَفْعِ العارِ، فاخْتَصَّ به العَصَباتُ، كولَايةِ النِّكاحِ. وهذا أحدُ الوُجُوهِ لأصحابِ الشافعيِّ. ومتى ثَبَتَ للعَصَباتِ، فلهم اسْتِفَاؤُه. [وإن طَلَبَ أحَدُهم وحدَه، فله اسْتِفَاؤُه. وإن عَفَى بَعْضُهم، لم يَسْقُطْ وكان للباقِين اسْتِفَاؤُه] (١). ولو بَقِيَ واحدٌ، كان له اسْتِفَاءُ جَمِيعِه؛ لأنَّه حقٌّ يُرادُ للرَّدْعِ والزَّجْرِ، فلم يَتَبَعَّضْ (٢)، كسائرِ الحُدُود، ولا يَسْقُطُ بإسْقاطِ البعضِ؛ لأنَّه يُرادُ لِدَفْعِ العارِ عن المَقْذُوفِ، وكُلُّ واحدٍ مِن العَصَباتِ يقومُ مَقامَه في اسْتِيفائِه، فيَثْبُتُ له جَمِيعُه، كولايةِ النِّكاحِ، ويُفارِقُ حَقَّ القِصاصِ؛ لأنَّ ذلك يَفُوتُ إلى بَدَلٍ، ولو أسْقَطْاه ههُنا، لَسَقَطَ حَقُّ (٣) غيرِ العافِي إلى غيرِ بَدَلٍ.

فصل: وإذا قَذَفَ امرأتَه، وله بَيِّنَة تَشهَدُ بِزِناها، فهو مُخَيَّرٌ بينَ لِعانِها وبينَ إقامةِ البَيِّنَةِ؛ لأنَّهما سَبَبَان، فكانت له الخِيَرَةُ في إقامةِ أَيِّهما شاء، كمَن له بدَينٍ شاهِدان وشاهِدٌ وامْرَأتان، ولأنَّ كلَّ واحدةٍ (٤) منْهما يَحْصُلُ بها ما لا يَحْصُلُ بالأُخْرَى، فإنَّه يَحْصُلُ باللِّعانِ نَفْيُ النَّسَبِ


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في الأصل: «ينتقص».
(٣) في م: «في».
(٤) في الأصل: «واحد».