ضَيعَتَه، أو بمُلازَمَةِ غَرِيمٍ يخافُ فوتَه أو غَيبَتَه، نَظَرْتَ؛ فإن كانت مُدَّةُ ذلك قصيرةً فأخَّرَهُ إلى الحضُورِ ليَزُولَ عُذْرُه، لم يَبْطلْ نَفْيُه؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ مَن عَلِمَ ذلك ليلًا فأَخَرَه إلى الصُّبْحِ، وإن كانت تَتَطاولُ، فأمْكَنَه التَّنْفِيذُ إلى الحاكمِ، لِيَبْعَثَ إليه مَن يَسْتَوْفِي عليه اللِّعانَ والنَّفْيَ، فلم يَفْعَلْ، سَقَطَ نَفْيُه، وإن لم يُمْكِنْه، أشْهَدَ على نَفْسِه أنَّه نافٍ لوَلَدِ امرأتِه، فإن لم يَفْعَلْ، بَطَلَ خِيارُه؛ لأنَّه إذا لم يَقْدِرْ على نَفْيِه، قام الإِشْهادُ مَقامَه، كما يُقِيمُ المريضُ الفَيئَةَ بالقَوْلِ بدَلًا عن الفَيئَةِ بالجِماعِ.
فصل: فإن قال: لم أُصَدِّقِ المُخْبِرَ به. وكان مُسْتَفِيضًا مُنْتَشِرًا، لم يُقْبَلْ قولُه. وإن لم يكنْ مُسْتَفِيضًا، وكان المُخْبِرُ مَشْهُورَ العَدالةِ، لم يُقْبَلْ قولُه، وإلَّا قُبِلَ. وإن قال: لم أعْلَمْ أنَّ عليَّ ذلك. قُبِلَ قولُه؛ لأنَّه ممَّا يَخْفَى. وإن عَلِمَ وهو غائِبٌ، فأمْكَنَه السَّيرُ، فاشْتَغَلَ به، لم يَبْطُلْ خِيارُه، وإن أقامَ مِن غيرِ حاجةٍ، بَطَلَ؛ لأنَّه أخَّرَ لغيرِ عُذْرٍ. وإن كانت له حاجةٌ تَمْنَعُه مِن السَّير، فهو على ما ذكرْنا مِن قبلُ. وإن أخَّرَه مِن غيرِ عُذْرٍ، بَطَلَ. وفي كلِّ مَوْضِع لَزِمَه الولدُ، لم يكنْ له نَفْيُه بعدَ ذلك، في قولِ جماعةِ أهْلِ العِلْمِ؛ منهم مالِكٌ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصْحابُ الرَّأْي. وقال الحسنُ: له أن يُلاعِنَ لِنَفْيِه، ما دامَتْ أُمُّه عندَه يَصِيرُ لها الوَلَدُ، ولو أقَرَّ به. والذي عليه الجُمْهورُ أوْلَى، فإنَّه