بإسْنادِه، ولَفْظُ حديثِ زَيدِ بنٍ ثابِتٍ: إذا دَخَلَتْ في الدَّمِ مِن الحَيضةِ الثالثةِ، فقد بَرِئَتْ منه، وبَرِء منها، ولا تَرِثُه ولا يَرِثُها (١). وقولُهم: إنَّ الدَّمَ يجوزُ أن يكونَ دَمَ فسادٍ. قُلْنا: قد حُكِمَ بكَوْنِه حَيضًا في تَرْكِ الصَّلاةِ، وتَحْرِيمِها على الزَّوْجِ، وسائِرِ أحْكامِ الحَيضِ، فكذلك في انْقِضاءِ العِدَّةِ. ثم إن كان التَّوَقُّفُ عن الحُكْمِ بانْقِضاءِ العِدَّةِ للاحْتِمالِ، فإذا تَبَيَّنَ أنَّه حَيضٌ، عَلِمْنا أنَّ العِدَّةَ قد انْقَضَتْ حينَ رأتِ الدَّمَ، كما لو قال لها: إن حِضْتِ فأنْتِ طالِقٌ. واخْتَلَفَ القائلُون بهذا القولِ، فمنهم مَن قال: اليومُ والليلةُ مِن العِدَّةِ؛ لأنَّه دَم تَكْمُلُ به العِدّةُ، فكان منها، كالذي في أثْناء الأطْهارِ. ومنهم مَن قال: ليس منها، إنَّما يتَبَيَّنُ به انْقِضاؤُها؛ لأنَّنا لو جَعَلْناه منها، أوْجَبْنا الزِّيادَةَ على ثَلاثةِ قُروءٍ، ولكِنَّا نَمْنَعُها مِن النِّكاحِ حتى يَمْضِيَ يومٌ وليلةٌ، ولو راجَعَها زَوْجُها فيها، لم تَصِحَّ الرَّجْعةُ. وهذا أصَحُّ الوَجْهَين.
فصل: وكلُّ فُرْقَةٍ بينَ زَوْجَين في الحياةِ بعدَ الدُّخُولِ، فَعِدَّةُ المرأةِ منها عِدَّةُ الطَّلاقِ، سواءٌ كانت بخُلْعٍ، أو لِعانٍ، أو رَضاعٍ، أو فَسْخٍ بعَيبٍ، أو إعْسارٍ، أو إعْتاقٍ، أو اخْتِلافِ دِينٍ، أو غيرِه، في قولِ أكثرِ
(١) أخرجه الإمام مالك، في: باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض، من كتاب الطلاق. الموطأ ٢/ ٥٧٧. والإمام الشافعي، انظر الباب الخامس في العدة، من كتاب الطلاق. ترتيب مسند الشافعي ٢/ ٥٩. والبيهقي، في: باب ما جاء في قوله عزَّ وجلَّ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} من كتاب العدد. السنن الكبرى ٧/ ٤١٥.