عِدَّةُ الحُرَّةِ مِن الوَفاةِ، ويَحْتَمِلُ أنَّه مات آخِرًا بعدَ انْقِضاءِ عِدَّتِها مِن الزَّوجِ، وعَوْدِها إلى فِراشِه، فوَجَبَ الجَمْعُ بينَهما، ليَسْقُطَ الفَرْضُ بيَقِينٍ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وعلى هذا جميعُ القائِلينَ مِن العلماءِ بأنَّ عِدَّةَ أمِّ الولَدِ مِن سَيِّدِها حَيضَةٌ، ومِن زَوْجِها شَهْران وخمسُ ليالٍ. وقولُ أصْحابِ الشافعيِّ في هذا الفَصْلِ كقَوْلِنا، وكذلك قولُ أبي حنيفةَ وأصْحابِه، إلَّا أنَّهم جَعَلُوا مكان الحَيضَةِ ثلاثَ حَيضاتٍ، بِناءً على أصْلِهِم في اسْتِبْراءِ أُمِّ الولَدِ. وقال ابنُ المُنْذِرِ (١): حُكْمُها حُكْمُ الإِماءِ، وعليها شَهْران وخمسةُ أيامٍ، ولا أنْقُلُها إلى حُكْمِ الحَرائِرِ إلَّا بإحاطَةِ أنَّ الزَّوجَ مات بعدَ المَوْلَى. وقيل: إنَّ هذا قولُ أبي بكرٍ عبدِ العزيزِ أَيضًا. والذي ذَكَرْناه أحْوَطُ.
فصل: فأمَّا المِيراثُ، فإنَّها لا تَرِثُ مِن زَوْجِها شَيئًا؛ لأنَّ الأصْلَ الرِّقُّ، والحُرِّيَّةُ مَشْكُوكٌ فيها، فلم تَرِثْ مع الشَّكِّ، والفَرْقُ بينَ العِدَّةِ والإرْثِ أنَّ إيجابَ العِدَّةِ عليها اسْتِظْهارٌ لا ضَرَرَ فيه على غيرِها، وإيجابَ
(١) انظر: الإشراف لابن المنذر ١/ ٢٦٥، ٢٦٦، حيث نقل هذا الكلام عن أبي ثور، وليس من كلام ابن المنذر.