فصل: فإن أرْضَعْنَ طِفْلًا كذلك، لم يَصِرْنَ أُمَّهاتٍ له، وصار المَوْلَى أبًا له. وهذا قولُ ابنِ حامدٍ؛ لأنَّه ارْتَضَعَ مِن لَبَنِه خَمْسَ رَضَعاتٍ. وفيه وَجْه آخَرُ، لا تَثْبُتُ الأبُوَّةُ؛ لأنَّه رَضاعٌ لم يُثْبِتِ الأُمُومةَ، فلم يُثْبِتُ الأُبُوَّةَ، كالارْتِضاعِ بِلبَنِ الرَّجُلِ. والأوَّلُ أصَحُّ، لأنَّ الأُبُوَّةَ إنَّما تَثْبُتُ لكَوْنِه رَضَعَ مِن لَبَنِه، لا لكُونِ المُرضِعَةِ أمًّا له. ولأصْحابِ الشَّافعيِّ وَجْهان كهذَين. وإذا قُلْنا بثُبُوتِ الأُبُوَّةِ، حَرُمَت عليه المُرْضِعاتُ؛ لأنَّه رَبِيبُهُنَّ، وهُنَّ مَوْطُوءاتُ أبِيه.
فصل: وإن كان لرَجُلٍ خَمْسُ بناتٍ، فأرْضَعْنَ طِفْلًا، كلُّ واحدةٍ رَضْعةً، لم يَصِرْنَ أُمَّهاتٍ له. وهل يَصِيرُ الرَّجُل جَدًّا له، وأوْلادُه أخْوالًا له وخالاتٍ؟ على وَجْهَين؛ أحَدُهما، يَصِيرُ جَدًّا، وأخُوهُنَّ خَالًا، لأنَّه قد كَمَلَ للمُرْتَضِعِ خَمْسُ رَضَعاتٍ مِن لَبَنٍ بَناتِه، فأشْبَهَ ما لو كان مِن واحدةٍ. والآخَرُ، لا يَثْبُتُ ذلك؛ لأنَّ كَوْنه جَدًّا فَرْعُ كَوْنِ ابْنَتِه أُمًّا، وكَوْنَه خالًا فَرْعُ كَوْنِ أُخْتِه امًّا، ولم يَثْبُتْ، فلا يَثْبُتُ ذلك الفرْعُ. وهذا الوَجْهُ يتَرَجَّحُ في هذه المَسْأَلةِ؛ لأنَّ الفَرْعِيَّةَ مُتَحَقِّقَة، بخِلافِ التي قبلَها. فإن قُلْنا: يَصِيرُ أَخُوهُنَّ خَالًا. لم تَثْبُتِ الخُئُولَةُ في حَقِّ واحدةٍ منهنَّ؛ لأنَّه لم يَرْتَضِعْ مِن لَبَنِ أخَواتِها خَمْسَ رَضَعاتٍ، ولكنْ يَحْتَمِلُ التَّحريمُ؛ لأنَّه قد اجْتَمَعَ مِن اللبنِ (١) المُحَرِّمِ خَمْسُ رَضَعاتٍ. ولو كَمَلَ للطِّفْلِ