للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ويَلْزَمُ الرَّجُلَ إعْفافُ أبِيه (١) إذا احْتاجَ إلى النِّكاحِ. وهذا ظاهرُ مذهبِ الشافعىِّ. ولهم في إعْفافِ الأبِ الصَّحيحِ وَجْهٌ، أنَّه لا يجبُ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَلْزَمُ الرَّجُلَ إعْفافُ أبيه، سواءٌ وجَبَتْ نَفَقَتُه أو لم تَجِبْ؛ لأَنَّ ذلك مِن المَلاذِّ، فلم تَجِبْ للأَبِ، كالحَلْوَاءِ، ولأنَّه أحَدُ الأبَوَيْن، فلم يَجِبْ ذلك له، كالأُمِّ. ولَنا، أنَّ ذلك مِمَّا تَدْعو حاجتُه إليه، ويَسْتَضِرُّ بفَقْدِه، فلَزِمَ ابْنَه له، كالنَّفَقةِ، ولا يُشْبهُ الحَلْوَاءَ؛ فإنَّه لا يَسْتَضِرُّ بفَقْدِها، وإنَّما يُشْبِهُ الطَّعامَ والأُدْمَ. وأمَّا الأُمُّ فإنَّ إعْفافَها إنَّما هو بتَزْوِيجِها إذا طَلَبَتْ ذلك، [وخَطبَها كُفْءٌ لها] (٢)، ونحنُ نقولُ بوُجُوبِه عليه، وهم يُوافِقُونَنا في ذلك. إذا ثَبَتَ ذلك، فإنَّه يجبُ إعْفافُ مَن وجَبَتْ نَفَقَتُه مِن الآباءِ والأجْدادِ، فإنِ اجْتَمَعَ جَدَّان، ولم يُمْكِنْ إلَّا (٣) إعْفافُ أحَدِهما، قُدِّمَ الأقْرَبُ، إلَّا أن يكونَ أحَدُهما مِن جهَةِ الأبِ والآخرُ مِن جِهَةِ الأُمِّ، فيُقَدَّمُ الذى مِن جِهَةِ الأبِ وإن بَعُدَ؛ لأنَّه عَصَبَةٌ، والشَّرْعُ قد اعْتَبَرَ جِهَتَه في التَّوْرِيثِ والتَّعْصِيبِ، فكذلك


(١) في الأصل، تش، ق: «ابنه».
(٢) في الأصل: «وجبت نفقته كفؤها».
(٣) سقط من: الأصل.