«الإِقْناعِ»، قال: إذا دَخَل رجلٌ إلى مَسْجِدٍ قَدِيم مَشْهُورٍ في بَلَدٍ مَعْرُوفٍ، كبَغْدادَ، فهل يَلْزَمُه الاجْتِهادُ، أم يُجْزِئُه التَّوَجُّهُ إلى القِبْلَةِ؛ فيه رِوايَتان عن أحمدَ؛ إحْداهما، يَلْزَمُه الاجْتِهادُ؛ لأنَّ المُجْتَهِدَ لا يَجُوزُ له أن يُقَلِّدَ في مَسائِلِ الفِقْهِ. والثانيةُ، لا يَلْزَمُه؛ لأنَّ اتِّفاقَهم عليها مع تَكرُّرِ الأعْصارِ إجْماعٌ عليها، ولا يَجُوزُ مُخالَفَتُها باجْتِهادِه. فإذا قُلْنا: يَجِبُ الاجْتِهادُ في سائِرِ البلادِ. ففي مَدِينَة النبيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم- رِوايَتان؛ إحْداهما، يَتَوجَّهُ إليها بلا اجْتِهادٍ؛ لأنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لا يُداوِمُ عليها إلَّا وهي مَقْطوعٌ بصِحَّتِها، فهو كما لو كان مُشاهِدًا للبَيْتِ. والثانية، هي كسائِرِ البِلادِ، يلْزَمُه الاجْتِهادُ فيها؛ لأنَّها نازِحَةٌ عن مَكَّةَ، فهي كغيرِها.