يسيرٍ، فقَدَرَ على الخُرُوجِ منه، فلَبِثَ فيه اخْتِيارًا حتى مات، فلا شئَ فيه؛ لأَنَّ هذا الفِعْلَ لم يَقْتُلْه، وإنَّما حَصَلَ مَوْتُه بلُبْثِه فيه، وهو فِعْلُ نَفْسِه، فلم يَضْمَنْه غيرُه. فإن تَرَكَه في نارٍ يُمْكِنُه التَّخَلُّصُ منها لقِلَّتِها، أو كونِه في طَرَفٍ منها يُمْكِنُه الخُرُوجُ بأدْنَى حَرَكَةٍ، فلم يَخرُجْ حتى مات، فلا قَوَدَ؛ لأَنَّ هذا لا يَقْتُلُ غالِبًا. وهل يَضْمَنُه؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يَضْمَنُه؛ لأنَّه مُهْلِكٌ لنَفْسِه بإقامَتِه، فلم يَضْمَنْه، كما لو ألقَاه في ماءٍ يسيرٍ، لكنْ يَضْمَنُ ما أصابَتِ النّارُ منه.
والثانى، يَضْمَنُه؛ لأنَّه جانٍ بالإِلقاءِ المُفْضِى إلى الهَلاكِ، وتَرْكُ التَّخَلُّصِ لا يُسْقِطُ الضَّمانَ، كما لو فصَدَه فتَرَكَ شَدَّ فِصادِه مع إمْكانِه، أو جَرَحَه فتَرَكَ مُداوَاةَ جُرْحِه. وفارَقَ الماءَ اليَسِيرَ، لأنَّه لا يُهْلِكُ بنَفْسِه، ولهذا يَدْخُلُه الناسُ للغُسْلِ والسِّباحَةِ. وأمّا النارُ فيَسِيرُها يُهْلِكُ. وإنَّما تُعْلَمُ قُدْرَتُه على التَّخَلُّصِ بقولِه: أنا قادِر على التَّخَلُّصِ. ونحو (١) هذا؛