قَطْعان لو مات بعدَ كلِّ واحدٍ منهما وحدَه، لوَجَبَ عليه القِصاصُ، فإذا مات بعدَهما، وَجَب عليهما القِصاصُ، كما لو كانا في يَدَيْنِ، ولأَنَّ القَطْعَ الثَّانىَ لا يَمْنَعُ حَياتَه بعدَه، فلا يَسْقُطُ حُكْمُ ما قبلَه، كما لو كانا في يَدَيْن. ولا نُسَلِّمُ زَوالَ جِنايَتِه، ولا قَطْعَ سِرايَتِه، فإنَّ الألَمَ الحاصلَ بالقَطْعِ الأَوَّلِ لم يَزُلْ، وإنَّما انْضَمَّ إليه الألمُ الثانى، فضَعُفَتِ النَّفْسُ عنِ احْتِمالِهما، فزَهَقَتْ بهما، فكان القَتْلُ بهما. ويُخالِفُ الانْدِمالَ، فإنَّه لا يَبْقَى معه الألمُ الذى حَصَل في الأعْضاءِ الشَّرِيفَةِ، فافْتَرَقا. وإنِ ادَّعَى الأَوَّلُ أنَّ جُرْحَه انْدَمَلَ، فصَدَّقَه الوَلِىُّ، سَقَط عنه القَتْلُ، ولَزِمَه القِصاصُ في اليَدِ أو نِصْفُ الدِّيَةِ. وإن كَذَّبَه شَرِيكُه واخْتارَ الوَلِىُّ القِصاصَ، فلا فائدةَ له في تَكْذِيبِه؛ لأَنَّ قَتْلَه واجِبٌ. وإن عَفا عنه إلى الدِّيَةِ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه، ولا يَلْزَمُه أكثرُ مِن نِصْفِ الدِّيَةِ. وإن كَذَّبَ الوَلِىُّ الأوَّلَ، حَلَف، وكان له قَتْلُه؛ لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ ما ادَّعاه. وإنِ ادَّعَى الثانى انْدِمالَ جُرْحِه، فالحُكْمُ فيه كالحُكْمِ في الأَوَّلِ إذا ادَّعَى ذلك.