للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

آخَر، لا يجبُ القِصاصُ؛ لأَنَّ له (١) فيه شبْهَة، لوقوعِ الخِلافِ فيه. ولَنا، أَنَّه قَتَل مَعْصومًا مكافئًا له عمدًا، يعلم أنَّه (٢) لا حَقَّ له فيه، فوَجَبَ عليه القِصاصُ، كما لو حَكَم بالعَفْوِ حاكمٌ، والاخْتِلافُ لا يُسْقِطُ القِصاصَ؛ فإنَّه لو قتل مسلمًا بكافر، قَتَلْناه به، مع الاخْتِلافِ في قَتْلِه. فأمَّا إن قَتَلَه قبلَ العِلْمِ بالعَفْوِ، فلا قِصاصَ عليه. وبه قال أبو حنيفةَ. وقال الشَّافعىُّ في أحَدِ قَوْلَيْه: عليه القِصاصُ؛ لأنَّه قَتْل عَمْدٌ عدْوانٌ لمَن لا حَقَّ له في قَتْلِه. ولَنا، أنَّه مُعْتَقِدٌ ثُبوتَ حَقِّه فيه، مع أنَّ الأَصْلَ بقَاؤه، فلم يَلْزَمْه قِصاصٌ، كالوَكِيلِ إذا قَتَل بعدَ عَفْوِ الموَكِّلِ قبلَ عِلْمِه بعَفْوِه. ولا فَرْقَ بينَ أن يكونَ الحاكمُ قد حَكَم بالعَفْوِ أو لم يَحْكمْ به؛ لأَنَّ الشُّبْهَةَ مَوْجُودَة مع انْتِفاءِ العِلْمِ، مَعْدُومَة عندَ وجُودِه. وقال الشَّافعىُّ: متى قَتَلَه بعدَ حُكْمِ الحاكمِ، لَزِمَه القِصاص، عَلِنم بالعَقْوِ أو لم يَعْلَمْ. وقد بَينا الفَرْقَ بينَهما. ومتى حَكَمْنا عليه بوُجوبِ الدِّيةِ؛ إمَّا لكوِنِه مَعْذُورًا، وإمَّا للعَفْوِ عن القِصاصِ، فإنَّه يَسْقُطُ عنه منها ما قابَلَ حَقِّه على القاتِلِ قِصاصًا، ويجبُ عليه الباقى. فإن كان الوَلِى عَفا إلى غيرِ مالٍ، فالواجِبُ لورثةِ القاتِلِ، ولا شئَ عليهم (٣). وإن كأن عَفا إلى الدِّيةِ، فالواجِبُ لورثةِ القاتِلِ، وعليهم نَصِيبٌ العافى مِن الدِّيةِ. وقيل فيه: إنَّ حَقَّ العافى


(١) سقط من: م.
(٢) في م: «أن».
(٣) في الأصل، م: «على».