للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القِصاصُ، فإذا لم يَعْلَمْ، تَعَلَّقَ به الضَّمانُ، كما لو قَتَل مُرْتَدًّا قبلَ عِلْمِه بإِسْلامِه. ويَرْجِعُ بها على المُوَكِّلِ؛ لأنَّه غَرَّه بتَسْلِيطِه على القَتْلِ وتَفْرِيطِه في تَرْكِ إعْلامِه بالعَفْوِ، فيَرْجِعُ عليه، كالغارِّ في النِّكاحِ بحُرِّيَّةِ أمَةٍ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَرْجِعَ عليه؛ لأَنَّ العَفْوَ إحْسانٌ منه، فلا يَقْتَضِى الرُّجُوعَ عليه، بخِلافِ الغارِّ بالحُرِّيَّةِ. فعلى هذا، تكونُ الدِّيَةُ في مالِ الوَكِيلِ. اخْتارَه القاضى. وتكونُ حالَّةً؛ لأنَّه مُتَعَمِّدٌ للقَتْلِ، لكونِه قَصَدَه، وإنَّما سَقَط عنه القِصاصُ لمعنًى آخَرَ، فهو كقَتْلِ الأبِ. وقال أبو الخَطَّابِ: تكونُ على عاقِلَتِه؛ لأنَّه أُجْرِىَ مُجْرَى الخَطَأ، فأشْبَهَ ما لوِ قَتَل في دارِ الحَرْبِ مسلمًا يَعْتَقِدُه حَرْبِيًّا. وهذا ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأنَّه ليس بعَمْدٍ مَحْضٍ، ولهذا لم يَجِبْ به القِصاصُ، فيكونَ عَمْدَ الخَطَأَ، فتَحْمِلَه العاقِلَةُ. وهذا اخْتِيارُ شيخِنا (١). وقد دَلَّ على ذلك خَبَرُ المرأةِ التى قَتَلَتْ جارَتَها وجَنِينَها بمِسْطَحٍ (٢)، فقَضَى النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالدِّيَةِ على عاقِلَتِها (٣). فعلى قولِ القاضى، إن كان المُوَكِّلُ عَفا إلى الدِّيَةِ، فله الدِّيَةُ في تَرِكَةِ الجانى، ولوَرَثَةِ الجانى مُطالَبَةُ الوَكِيلِ بدِيَتِه، وليس للمُوَكِّلِ مُطالَبَةُ الوَكِيلِ بشئٍ. فإن قيل: فلِمَ قُلْتُم فيما إذا كان القِصاصُ لأخَوَيْن فقَتَلَه


(١) انظر: المغنى ١١/ ٥٨٥.
(٢) مسطح: عمود من أعمدة الخباء.
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ١٨.