للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القِصاصُ في الحالِ، وإن قالوا: يُرْجَى عَوْدُها، إلى وقتٍ ذكَرُوه، لم يُقْتَصَّ حتى يَأْتِىَ ذلك الوقْتُ. وهذا قولُ بعضِ أصْحابِ الشافعىِّ؛ لأنَّها تَحْتَمِلُ العَوْدَ، فأشْبَهَتْ سِنَّ مَن لم يُثْغِرْ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّها إن لم تَعُدْ، فلا كلامَ، وإن عادتْ، لم يجبْ قِصاصٌ ولا دِيَةٌ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، وأحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ. وقال في الآخَرِ: لا يَسْقُطُ الأَرْشُ؛ لأَنَّ هذه السِّنَّ لا تُسْتَخْلَفُ عادةً، فإذا عادتْ كانت هِبَةً مُجَدَّدةً، ولذلك لا يُنْتَظَرُ عَوْدُها في الضَّمانِ. ولَنا، أنَّها سِنٌّ عادتْ، فسَقَطَ الأَرْشُ، كسِنِّ مَن لم يُثْغِرْ، ونُدْرَةُ وُجُودِها لا يَمْنَعُ ثُبوتَ حُكْمِها إذا وُجِدَت. فعلَى هذا، إن كان أخَذَ (١) الأَرْشَ رَدَّه، وإن كان اسْتَوْفَى القِصاصَ، لم يَجُزْ قَلْعُ هذه قِصاصًا؛ لأنَّه لم يَقْصِدِ العُدْوانَ. وإن عادتْ سِنُّ الجانِى دُونَ سِنِّ المَجْنِىِّ عليه، لم تُقْلَعْ، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ؛ لئَلَّا يَأْخُذَ سِنَّيْنِ بسِنٍّ، وإنَّما قال اللَّهُ تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} (٢). والثانى، تُقلَعُ وإن عادتْ مَرَّاتٍ؛ لأنَّه أعْدَمَ (٣) سِنَّه بالقَلْعِ، فكان له إعْدامُ سِنِّه. ولأصْحابِ الشافعىِّ وَجْهان كهذَيْنِ.

فصل: فإن قلَع سِنًّا، فاقْتُصَّ منه، ثم عادتْ سِنُّ المَجْنِىِّ عليه، فقَلَعَها الجانِى ثانيةً، فلا شئَ عليه؛ لأَنَّ سِنَّ المَجْنِىِّ عليه لمَّا عادتْ، وجَب للْجانِى عليه دِيَةُ سِنِّه، فلما قَلَعَها، وجَب على الجانِى دِيَتُها للمَجْنِىِّ


(١) سقط من: الأصل.
(٢) سورة المائدة ٤٥.
(٣) في الأصل: «عدم».