للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والقِصاصُ يَعْتَمِدُ المُماثلةَ. وتارةً نقولُ: إنَّ السِّرايةَ في بعضِ العُضْوِ إنَّما تَمْنَعُ إْذا كانت ظاهرةً، ومثلُ هذا يَمْنَعُ في النَّفْسِ، ولهذا مَنَعْناه مِن الاسْتِيفاءِ بآلةٍ كالَّةٍ، أو مَسْمُومةٍ، وفى وَقْتِ إفْراطِ الحَرِّ والبَرْدِ، تحَرُّزًا مِن السِّرَايةِ.

فصل: وإن قَلَعَ سِنًّا زائدةً، وهى التى تَنْبُتُ فَضْلةً في غيرِ سَمْتِ الأسْنانِ، خارِجةً عنها إلى داخلِ الفَمِ، أو إلى الشَّفَةِ، وكانت للجانِى مِثْلُها في موْضِعِها، فللمَجْنِىِّ عليه القِصاصُ، أو حُكومةٌ في سِنِّه. وإن لم يَكُنْ له مِثْلُها في محَلِّها، فليس له إلَّا الحُكومةُ. وإن كانت إحْدى الزَّائدَتَيْنِ أكبرَ مِن الأُخْرَى، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا تُؤْخَذُ بها؛ لأَنَّ الحُكومةَ فيها أكثرُ، فلا يُقْلَعُ بها ما هو أقَلُّ قِيمةً منها. والثانى، تُؤْخَذُ بها؛ لأنَّهما سِنَّانِ مُتَساويان في الموْضِعِ، فتُؤْخَذُ كلُّ واحدةٍ منهما بالأُخْرَى، كالأصْلِيتَّيْنِ، ولأَنَّ اللَّهَ تعالى قال: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} (١). وهو عامٌّ، فيَدْخُلُ فيه مَحَلُّ النِّزاعِ. وإن قُلْنا: يَثْبُتُ القِياسُ في الزّائدتَيْنِ بالاجْتِهادِ. فالثابتُ بالاجْتِهادِ مُعْتَبَرٌ بما ثَبَتَ بالنَّصِّ، واخْتِلافُ القِيمةِ لا يمْنَعُ القِصاصَ، بدليلِ جَرَيانِه بينَ العَبيدِ (٢)، وبينَ الذكرِ والأُنْثَى، في النَّفسِ والأطْرَافِ، على أنَّ كِبَرَ السِّنِّ لا يُوجِبُ كَثْرةَ (٣) قِيمَتِها، فإنَّ السِّنَّ الزَّائدةَ نَقْصٌ وعَيْبٌ، وكثرةُ


(١) سورة المائدة ٤٥.
(٢) في م: «العبد».
(٣) في م: «كبر».