للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الطَّرَفِ لا يَحْصُلُ به الزَّجْرُ عن الاشْتِراكِ المُعتادِ، ولا عن شئٍ مِنَ الاشْتِراكِ، إلَّا عن صُورَةٍ نادرةِ الوُقوعِ، بَعِيدةِ الوُجُودِ، يُحْتاجُ في وُجُودِها إلى تَكَلُّفٍ، فإيجابُ القِصاصِ للزَّجْرِ عنها يكون مَنْعًا لشئٍ لا يَكادُ يَقَعُ لصُعُوبَتِه، وإطْلاقًا في القَطْع السَّهْلِ المُعْتادِ بِنَفْى القِصاصِ عن فاعِلِه، وهذا لا فائدَةَ فيه، بخلافِ الاشْتِراكِ في النَّفْسِ، يُحَقِّقُه أنَّ وُجُوبَ القِصاصِ في الطَّرَفِ والنَّفْسِ على الجماعةِ بواحدٍ على خِلافِ الأصْلِ، لكَوْنِه يأخُذُ في الاسْتِيفاءِ زِيادَةً على ما فوَّتَ عليه، ويُخِلُّ بالتَّماثُلِ المَنْصُوصِ على النَّهْى عمَّا عَداه، وإنَّما خُولِفَ هذا الأصلُ زَجْرًا عن الاشْتِراكِ الذى يَقَعُ القَتْلُ به غالِبًا، ففيما عَدَاه يَجِب البَقاءُ على أصْلِ التَّحْريمِ، ولأَنَّ النَّفْسَ أشْرَفُ مِنَ الطَّرَفِ، ولا يَلْزَمُ مِن المُحافظةِ عليها بأَخْذِ الجماعةِ بالواحدِ، المُحافظَةُ على ما دُونَها بذلك. ولَنا، ما رُوِى أنَّ شاهِدَينِ شَهِدا عندَ علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، على رَجُل بالسَّرِقَةِ، فقَطَعَ يَدَه، ثم جاءَا بآخَرَ، فقالا: هو السَّارِقُ، وأخْطَأْنا في الأَوَّلِ. فرَدَّ شَهادَتَهُما على الثانى، وغَرَّمَهُما دِيَةَ يَدِ الأَوَّلِ، وقال: لو عَلِمتُ أنَّكُما تَعَمَّدْتُما لمَطَعتُكُما (١). فأخْبَرَ أنَّ القِصاصَ على كلِّ واحدٍ منهما لو تَعَمَّدَا قَطْعَ يَدٍ واحدةٍ. ولأنَّه أحَدُ نَوْعَىِ القِصاصِ، فيُؤْخَذُ فيه الجماعةُ بالواحدِ، كالأنْفُس (٢)، وأمَّا اعتِبارُ التَّساوِى، فمِثْلُه في الأنْفُسِ (٣)؛


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣٢.
(٢) في الأصل: «كالنفس».
(٣) في الأصل: «النفس».