للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثُلُثَى التَّالِفِ؛ لأنَّه تَعَدَّى في نَصِيبِ شَرِيكَيْه (١). وقال أبو يوسفَ: عليه نِصْفُ الضَّمانِ؛ لأنَّه تَلِفَ بجِهَتَيْنِ، فكان الضَّمانُ نِصْفَيْنِ، كما لو جَرَحَه أحَدُهما جُرْحًا، وجَرَحَه الآخَرُ جُرْحَيْنِ. ولَنا، أنَّه مُتَعَدٍّ بالحَفْرِ، فضَمِنَ الواقعَ فيها (٢)، كما لو كان في ملْكِ غيرِه، والشَّرِكَةُ أوْجَبَ تَعَدِّيَهُ لجميعِ الحَفْرِ، فكان مُوجِبًا لجميعِ الضَّمانِ. ويَبْطُلُ ما ذكَرَه أبو يوسفَ بما لو حَفَرَه في طرِيقٍ مُشْتَرَكٍ، فإنَّ له فيها حَقًّا، ومع ذلك يَضْمَنُ الجميعَ. والحُكمُ فيما إذا أذِنَ له بعْضُ الشُّرَكاءِ في الحَفْرِ دُونَ بعْضٍ، كالحُكْمِ فيما إذا حفَر في مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ بينَه وبينَ غيرِه؛ لكَوْنِه لا يُباحُ الحَفْرُ ولا التَّصَرُّفُ حتى يَأْذَنَ الجميعُ.

فصل: وإن حفَر إنْسانٌ في مِلْكِه بِئرًا، فوَقِعَ فيها إنسانٌ أو دابةٌ، فهَلَكَ به، وكان الدَّاخِلُ دخَل بغيرِ إذْنِه، فلا ضَمان على الحافرِ؛ لأنَّه لا عُدْوانَ منه. وإن دخَل بإذْنِه، والبِئْرُ ظاهِرَةٌ مَكْشُوفَةٌ، والدَّاخِلُ بَصِيرٌ يُبْصِرُها، فلا ضَمانَ أيضًا؛ لأَنَّ الواقِعَ هو الذى أهْلَكَ نفسَه، فأشبَة ما لو قدَّم إليه سِكِّينًا، فقَتَلَ بها نفسَه، وإن كان الدَّاخِلُ أعْمَى، أو كانت في ظُلْمَةٍ لا يُبْصِرُها الدَّاخِلُ، أو غَطَّى رَأْسَها، فلم يَعْلَمِ الدَّاخِلُ حتى وقَع فيها، ضَمِنَه. وبهذا قال شُرَيحٌ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وحَمَّادٌ، ومالكٌ. وهو أحَدُ الوَجْهينِ لأصْحابِ الشافعىِّ. وقالوا في الآخَرِ: لا (٣)


(١) في الأصل، م: «شريكه».
(٢) في الأصل: «فهما».
(٣) سقط من: الأصل.