في قَتْلِ نَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ، والكفَّارةُ إنَّما تَجِبُ لحقِّ اللَّهِ تعالى، فوَجَبَتْ عليه بالمُشارَكَةِ في نَفْسِه، كوُجوبِها بالمُشارَكَةِ في قَتْلِ غيرِه. وأمَّا الدَّيَةُ ففيها ثَلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، أنَّ على عاقلةِ كلِّ واحدٍ منهم ثُلُثَ دِيَةِ المقْتُولِ لوَرَثَتِه؛ لأَنَّ كلَّ واحدٍ منهم مُشاركٌ في قَتْلِ نَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ خَطأً، فلَزِمَتْه دِيَتُها، كالأجانِبِ. وهذا يَنْبَنِى على أنَّ جِنايةَ المَرْءِ على نَفْسِه أو (١) أهْلِه خَطَأً يَتَحَمَّلُ عقْلَها عاقِلَتُه. الوَجْهُ الثانى، أنَّ ما قابَلَ فِعْلَ المقْتُولِ ساقِطٌ، لا يَضْمَنُه أحدٌ؛ لأنَّه شارَك في إتْلافِ حَقِّه، فلم يَضْمَنْ ما قابَل فِعْلَه، كما لو شارَك في قَتْلِ بَهيمَتِه أو عَبْدِه. وهذا الذى ذكَرَه القاضى في «المُجَرَّدِ». ولم يَذْكُرْ غيرَه. وهو مذهبُ الشافعىِّ. الثالثُ، أن يُلْغَى فِعْلُ المقْتُولِ في نَفْسِه، وتَجِبَ دِيَتُه بكَمالِها على عاقلةِ الآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ.