لم تَجِبْ إراقَتُهُما، بغيرِ خلافٍ، لأنّه يجوزُ له التَّيَمُّم لو كانا طاهِرَين، فههُنا أولَى، فإذا أرادَ الشُّربَ تَحرَّى وشَرِب مِن الذي يَظنُّ طهارتَه، فإن لم يَغْلِبْ على ظنِّه شيء، شَرِب مِن أحدِهِما، لأنّه حالُ ضرورَةٍ، فإذا شرِبَ مِن أحدِهما، أو أكلَ مِن المُشْتَبِهةِ بالمَيتَةِ، فهل يَلْزَمُه غَسْلُ فِيهِ؟ يَحتَمِلُ وجهين، أحدُهما، لا يَلزَمُه، لأنَّ الأصلَ الطهارةُ. والثاني، يَلزَمُه، لأنَّه مَحَلّ مُنِعَ مِن اسْتِعمالِه لأجلِ النجاسةِ، فلَزِمَه غسلُ أثَرِه، كالمُتَيَقِّنِ. فإن عَلِم عينَ النَّجِسِ اسْتُحِبَّ إراقَتُه ليُزيلَ الشَّكَّ. فإن احتاجَ إلى الشُّربِ شَرِب مِن الطاهرِ وتَيَمَّم. وإن خافَ العطشَ في ثاني الحالِ، فقال القاضي: يَتوَضَّأ بالطاهرِ، ويَحبِسُ النَّجِسَ، لأنَّه غيرُ محتاجٍ إلى شُربِه في الحالِ، فلم يَجُزِ التَّيَمُّم مع وُجودِه. قال شيخُنا: والصحيحُ، إن شاءَ اللهُ، أنه يَحبِسُ الطاهرَ ويَتيَمَّمُ، لأنّ وجودَ النَّجِسِ كعدَمِه عندَ الحاجةِ إلى الشُّربِ في الحالِ، فكذلك في المالِ، وخوفُ العطشِ في إباحةِ التَّيَمُّمِ كحقيقَتِه (١).