للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعلىٍّ، وابنِ مسعودٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال أهلُ المدينةِ، وأهلُ الكوفةِ، وأصْحابُ الرَّأْى، وأهلُ الحديثِ، وغيرُهم. وفى كتابِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعَمْرِو بنَ حَزْمٍ: «وفِى اللِّسَانِ الدِّيَةُ» (١). ولأَنَّ فيه جَمالًا ومَنْفَعةً، فأشْبَهَ الأنْفَ؛ فأمَّا الجَمالُ، فقد رُوِى عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه (٢) سُئِلَ عن الجمالِ، فقال: «في اللِّسَانِ» (٣). ويُقال: جَمالُ الرَّجُلِ في لسانِه، والمرءُ بأصْغَرَيْه قلبِه ولسانِه. ويُقال: ما الإِنْسانُ لولا اللِّسانُ إلَّا صورةٌ مُمَثَّلَةٌ، أو بَهيمةٌ مُهْمَلَةٌ. وأمَّا النَّفْعُ، فإنَّ به تُبْلَغُ الأغْراضُ، وتُسْتَخْلَصُ الحُقوقُ، وتُدْفَعُ الآفاتُ، وتُقْضَى الحاجاتُ، وتَتِمُّ العِباداتُ؛ في القراءةِ والذِّكْرِ، والشُّكْرِ، والأمْرِ بالمَعْرُوفِ، والنَّهْىِ عن المُنْكَرِ، والتَّعْلِيمِ، والدَّلالةِ على الحقِّ المُبِينِ والصِّراطِ المُسْتقيمِ، وبه يَذوقُ الطَّعامَ، ويَسْتَعِينُ في مَضْغِه وتَقْلِيبِه، وتَنْقِيَةِ الفَمِ، وتنْظِيفِه، فهو أعْظَمُ الأعْضاءِ نَفْعًا، وأتَمُّها جَمالًا، فإيجابُ الدِّيَةِ في غيرِه تَنْبِيهٌ على إيجابِها فيه. وإنَّما تجِبُ الدِّيَةُ في اللِّسانِ النَّاطِقِ، فأمَّا الأخْرَسُ، فسنَذْكُرُه في مَوْضِعِه، إن شاء اللَّهُ تعالى.

فصل: فإن قطَعَ لِسانَ صغيرٍ لم يتكَلَّمْ لطُفولِيَّتِه، وجَبَتْ دِيَتُه. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا تجبُ؛ لأنَّه لِسانٌ لا كلامَ فيه، فأشْبَهَ


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣٠٩.
(٢) سقط من: الأصل، م.
(٣) أخرجه الحاكم، في: باب ذكر مناقب العباس. . .، من كتاب معرفة الصحابة. المستدرك ٣/ ٣٣٠. عن على بن الحسين مرسلا. وانظر طرق الحديث والكلام عليها، في: تلخيص الحبير ٤/ ٢٨.