للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَرْشًا، كالجِراحِ، أو قَطْعِ عُضْوٍ، وجَبَتِ الدِّيَةُ وأَرْشُ الجُرْحِ. وبهذا قال مالكٍ، والشافعىُّ في الجديدِ. وقال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ في القَديمِ: يدْخُلُ (١) الأقَلُّ منهما في الأكْثَرِ (٢)، فإن كانتِ الدِّيَةُ أكثرَ مِن أَرْشِ الجُرْحِ، وجَبَتْ وحدَها، وإن كان أَرْشُ الجُرْحِ أكْثَرَ (٣)، كأنْ قَطَعَ يدَيْه ورِجْلَيْه، فذهبَ عَقْلُه، وجبَتْ دِيَةُ الجُرْحِ، ودخَلَتْ دِيَةُ العَقْلِ فيه؛ لأَنَّ ذَهابَ (٤) العَقْلِ تَخْتَلُّ معه مَنافِعُ الأعْضاءِ، فدَخَلَ أَرْشُها فيه، كالموتِ. ولَنا، أنَّ هذه جِناية أذْهبَتْ منْفعَةً مِن غيرِ مَحَلِّها مع بَقاءِ النَّفْسِ، فلم يتَداخَلِ الأَرْشانِ، كما لو أَوضَحَه فذهبَ بَصَرُه أو سَمْعُه، ولأنَّه لو جَنَى على أنْفِه أو أُذُنِه، فذهبَ شَمُّه [أو سَمْعُه] (٥)، لم يدْخُلْ أَرْشُهما في دِيَةِ الأنْفِ والأذُنِ، مع قُرْبِهما منهما، فههُنا أوْلَى. وما ذكَرُوه لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لو دخَلَ أَرْشُ الجُرْحِ في ديَةِ العَقْلِ، لم يجبْ أَرْشُه إذا زادَ على دِيَةِ العَقْلِ، كما أنَّ دِيَةَ الأعْضاء كلِّها مع القتلِ لا يجبُ بها (٦) أكثرُ مِن دِيَةِ النَّفْسِ. ولا يَصِحُّ قولُهم: إنَّ منافعَ الأعْضاءِ تبْطُلُ بذَهابِ العَقْلِ. فإنَّ المَجْنُونَ تُضْمَنُ مَنافِعُه وأعْضاؤُه بعدَ ذَهابِ عَقْلِه بما تُضْمَنُ به مَنافِعُ الصَّحيحِ وأعضاؤُه، ولو ذهبت مَنافعُه


(١) في الأصل: «يأخذ».
(٢) في الأصل: «الأكبر».
(٣) في الأصل: «أكبر».
(٤) في الأصل، تش، ر ٣، ق، ص: «منافع».
(٥) سقط من: م.
(٦) تكملة من المغنى ١٢/ ١٥٣.