للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَخْفِيفًا عنه، ومُواساةً له، والعامِدُ غيرُ مَعْذُورٍ، فلا يَسْتَحِقُّ المُواساةَ ولا التَّخْفِيفَ، فلم يُوجَدْ فيه المُقْتَضى. وبهذا فارَقَ العَمْدُ الخَطَأ، ثم يَبْطُلُ ما ذكَرُوه بقَتْلِ الأبِ ابْنَه، فإنَّه لا قِصاصَ فيه، ولا تَحْمِلُه العاقلةُ.

فصل: فإنِ اقْتَصَّ بحَدِيدةٍ مَسْمُومةٍ، فسَرَى إلى النَّفْسِ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، تَحْمِلُه العاقلةُ؛ لأنَّه ليس بعَمْدٍ مَحْضٍ، أشْبَهَ عَمْدَ الخَطَأ. والثانى، لا تَحْمِلُه؛ لأنَّه [قَتَلَ بآلةٍ] (١) يَقْتُلُ مِثْلُها غالِبًا، فأشْبَهَ مَن له القِصاصُ. ولو وَكَّلَ في اسْتِيفاءِ القِصاصِ، ثم عَفَا عنه، فقَتَلَه الوَكِيلُ مِن غيرِ عِلْم بعَفْوِه، فقال القاضى: لا تَحْمِلُه العاقلةُ؛ لأنَّه عَمَد قَتْلَه. وقال أبو الخَطَّابِ: تَحْمِلُه؛ لأنَّه لم يَقْصِدِ الجِنايةَ، وِمثلُ هذا يُعَدُّ خَطَأً، بدليلِ ما لو قَتَل في دارِ الحَرْبِ مُسْلِمًا يَظُنُّه حَرْبِيًّا، فإنه عَمَد قَتْلَه، وهو أحَدُ نَوْعَىِ الخَطَأ. وهذا أصَحُّ. ولأصْحابِ الشَّافعىِّ وَجْهان كهذين.

فصل: ولا تَحْمِلُ العاقلة العَبْدَ. يَعْنِى إذا قَتَلٍ العَبْدَ قاتِلٌ، وجَبَتْ قِيمَتُه في مالِ القاتلِ، ولا شئ على عاقِلَتِه، خَطَأ كان أو عَمْدًا. وهذا قولُ ابنِ عباسٍ، والشَّعْبِىِّ، والثَّوْرِىِّ، ومَكْحُولٍ، والنَّخَعِىِّ، والبَتِّىِّ، ومالكٍ، واللَّيْثِ، وابنِ أبِى لَيْلَى، وإسْحاقَ، وأبى ثَوْرٍ. وقال عَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ، وأبو حنيفةَ: تَحْمِلُه العاقلةُ؛


(١) سقط من: الأصل.