للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجْعَلُ عَلَى الْمُوسِرِ نِصْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رُبْعًا. وَهَلْ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ في الأحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

كلُّ واحدٍ منهم؛ فقال أحمدُ: يَحْمِلُونَ على قَدْرِ ما يُطِيقُونَ. فعلى هذا، لا يتَقَدَّرُ شَرْعًا، وإنَّما يُرْجَعُ فيه إلى اجْتِهادِ الحاكمِ، فيَفْرِضُ على كلِّ واحدٍ قَدْرًا يَسْهُلُ ولا يُؤْذِى. وهذا مذْهَبُ مالكٍ؛ لأَنَّ التَّقْدِيرَ لا يَثْبُت إلَّا بتَوْقِيفٍ، ولا يَثْبُتُ بالرَّأْىِ والتَّحَكُّمِ، ولا نَصَّ في هذه المسألةِ، فوَجَبَ الرُّجُوعُ فيها إلى اجْتِهادِ الحاكمِ، كمَقادِيرِ النَّفَقاتِ. وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّه يَفْرِضُ على المُوسِرِ نِصْفَ مِثْقالٍ؛ لأنَّه أقَلُّ مالٍ (١) يتَقَدَّرُ في الزَّكاةِ، فكان مُعْتَبَرًا بها، ويَجِبُ على المُتَوَسِّطِ رُبْعُ مِثقالٍ؛ لأَنَّ ما دُونَ ذلك تافِهٌ، لكَوْنِ اليَدِ لا تُقْطَعُ فيه، بدليلِ قولِ عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها: لا يُقْطَعُ في الشئِ التَّافِهِ، وما دُونَ رُبْعِ دِينارٍ لا قَطْعَ فيه (٢). وهذا اخْتِيارُ


(١) في م: «ما».
(٢) أخرج ابن أبى شيبة لفظ: لم يكن القطع على عهد النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- في الشئ التافه. انظر: المصنف ٩/ ٤٧٦، ٤٧٧. وأخرج النسائى الشطر الثانى بنحوه، في باب ذكر الاختلاف على الزهرى، من كتاب قطع السارق. المجتبى ٨/ ٧١، ٧٢. وعبد الرزاق، في: المصنف ١٠/ ٢٣٥. وابن أبى شيبة، في: المصنف ٩/ ٤٧٠.