للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قِصاصًا أو حَدًّا؛ لأنَّه قَتْلٌ مأْمُورٌ به، والكفارَةُ لا تَجِبُ لمَحْوِ (١) المأْمُورِ به. وأمَّا الخَطَأُ، فلا يُوصَفُ بتَحْرِيمٍ ولا إباحَةٍ؛ لأنَّه كقَتْلِ المجْنُونِ والبَهِيمةِ، لكنَّ النَّفْسَ الذَّاهِبَةَ به معْصُومةٌ محرُّمةٌ، فلذلك وجَبَتِ الكفَّارَةُ فيها. وقال قومٌ: الخَطَأُ مُحَرَّمٌ ولا إثْمَ فيه. وقِيلِ: ليس بمُحَرُّمٍ؛ لأَنَّ المُحَرَّمَ ما أثِمَ فاعِلُه، وقولُه تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}. هذا اسْتِثْناء مُنْقَطِع. و «إلَّا» في مَوْضِعِ «لكنْ». والتَّقْديرُ: لَكِنْ قد يقتلُه خَطَأً. وقِيلَ: «إلَّا» بمعنى «ولا»، أى ولا خَطَأً. وهذا يَبْعُدُ؛ لأَنَّ الخَطَأ لا (٢) يتَوَجَّهُ إليه النَّهْىُ؛ لعَدَمِ إمْكانِ التَّحَرُّزِ منه، وكَوْنِه لا يَدْخُلُ تحتَ الوُسْعِ، ولأنَّها لو كانت بمعنى «ولا» لَكانت عاطِفَةً للخَطَأ على ما قبلَه، وليس قبلَه ما يَصْلُحُ عَطْفُه عليه. فأمَّا قَتْل نِساءِ أهلِ الحَرْبِ وصِبْيانِهم، فلا كَفَّارَةَ فيه؛ لأنَّهم ليس لهم أيْمانٌ ولا أمانٌ، وإنَّما مُنِعَ مِن قَتْلِهم، لانْتِفاعِ المسلمين بهم، لكَوْنِهم يَصِيرونَ بالسَّبْى رقيقًا يُنْتَفعُ بهم. وكذلك قَتْلُ مَن لم تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لا كفَّارَةَ فيه؛ لذلك، ولذلك لم يُضْمَنُوا بشئٍ، فأشْبَهُوا مَن قَتْلُه مُباحٌ.

فصل: وَمَن قَتَلَ نَفْسَه خَطأً، وجَبَتِ الكفَّارَةُ في مالِه. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا تجبُ؛ لأَنَّ ضَمانَ نَفْسِه لا يَجِبُ، فلم تَجِبِ الكَفَّارَةُ به، كقَتْلِ نِساءِ أهلِ الحَرْبِ وصِبْيانِهم. ووجْهُ الأَوَّلِ


(١) في الأصل، تش: «لحق».
(٢) سقط من: الأصل.