للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذَنْبَ أعْظَمُ منه، فلا يَسْتَحِقُّ بيَمِينِه دَمَ مسلمٍ، ولا يَثْبُتُ بها قَتْلٌ. وقال القاضى: الأوْلَى أن تُعْرَضَ عليه القَسامَةُ، فإنْ أقْسَمَ، وجَبَتِ الدِّيَةُ. وهذا قولُ الشافعىِّ؛ لأَنَّ اسْتِحْقاقَ المالِ بالقَسامَةِ حَقٌّ له، فلا يَبْطُلُ برِدَّتِه، كاكْتِسابِ المالِ، يُوجِبُ الاكتِسابَ، وكُفْرُه لا يَمْنَعُ يَمِينَه؛ لأَنَّ الكافِرَ تَصِحُّ يَمِينُه، وتُعْرَضُ عليه في الدَّعاوَى، فإن حَلَفَ، ثبَت القِصاصُ أو الدِّيَةُ، فإن عادَ إلى الإِسْلام، كان له، وإن ماتَ، كان فَيْئًا. والصَّحِيحُ، إن شاءَ اللَّهُ، ما قاله أبو بكَرٍ؛ لأَنَّ مالَ المُرْتَدِّ إمَّا أن يكونَ مِلْكُه قد زالَ عنه، وإمّا مَوْقُوفٌ، وحُقوقُ المالِ حُكْمُها حُكْمُه؛ فإن قُلْنا: يزُولُ (١) مِلْكُه. فلا حَقَّ له. وإن قُلْنا: هو مَوْقوفٌ. فهو قبلَ انْكِشافِ حالِه مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَثْبُتُ الحُكمُ بشئٍ مَشْكوكٍ فيه، كيف وقَتْلُ المُسْلِمِ أمْرٌ كبيرٌ لا يَثْبُتُ مع الشُّبُهاتِ، ولا يُسْتَوْفَى مع الشَّكِّ. فأمَّا إنِ ارْتَدَّ قبلَ مَوْتِ مَوْرُوثِه، لم يكُنْ وارِثًا، ولا حَقَّ له، وتكونُ القَسامَةُ لغيرِه مِن الوُرَّاثِ (٢). فإن لم يكُنْ للمَيِّتِ وارِثٌ سِواهُ، فلا قسامةَ فيه؛ لِما ذكَرْنا. فإن عادَ إلى الإِسْلامِ قبلَ قَسامَةِ غيرِه، فقِياسُ المذهبِ أنَّه يَدْخُلُ في القَسامَةِ؛ لأنَّه متى رجَع قبلَ قَسْمِ المِيراثِ، قُسِمَ له. وقال القاضى: لا تَعودُ القَسامَةُ إليه؛ لأنَّها اسْتُحِقَّتْ على غيرِه. وإنِ ارْتَدَّ رَجُل، فقُتِلَ عبْدُه، أو قتِلَ عبدُه ثم ارْتَدَّ، فهل له أن يُقْسِمَ؟


(١) في الأصل: «بزوال».
(٢) في الأصل: «الوارث».