للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وأمْوَالَهُمْ، ولَكِنَّ اليَمِينَ على المُدَّعَى عليه». رواه مُسْلِمٌ. ظاهِرٌ في إيجاب اليَمِينِ ههُنا لوَجْهَيْن؛ أحَدُهما، عُمومُ اللَّفْظِ فيه. والثانى، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكَرَه في صَدْرِ الخَبَرِ بقولِه: «لادَّعَى قَوْمٌ دِماءَ رِجالٍ وأمْوالَهُمْ». ثم عقَّبَه بقولِه: «ولَكِنَّ اليَمِينَ على المُدَّعَى عليه». فيعودُ إلى المُدَّعَى عليه المذكُورِ في الحديثِ، ولا يجوزُ إخْراجُه منه إلَّا بدليلٍ أقْوَى منه، ولأنَّها دَعْوَى في حَقِّ آدَمِىٍّ، فيُسْتَحْلَفُ فيها (١)، كدَعْوَى المالِ، ولأنَّها دَعْوَى لو أقَرَّ بها لم يُقْبَلْ رُجُوعُه عنها، فيَجِبُ اليَمِينُ فيها، كالأصْلِ المذْكُورِ. إذا ثَبَت هذا، فالمَشروعُ يَمِينٌ واحدةٌ. وعن أحمدَ، أنَّه يُشْرَعُ خَمْسونَ يَمِينًا؛ لأنَّها دَعْوَى في القَتْلِ، فيُشْرَعُ فيها خَمْسونَ يَمِينًا، كما لو كان بينَهم لَوْثٌ. وللشافعىِّ فيها كالرِّوايتَيْن. ولَنا، أنَّ قولَه عليه الصلاةُ والسلامُ: «ولَكِنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ». ظاهرٌ في أنَّها يَمِينٌ واحدةٌ لوَجْهَيْن؛ أحدُهما، أنَّه وَحَّدَ اليَمِينَ، فيَنْصَرِفُ إلى واحدةٍ. الثانى، أنَّه لم يُفَرِّقْ في اليَمِينِ المَشْرُوعةِ في الدَّمِ والمالِ، ولأنَّها يَمِينٌ يَعْضُدُها الظاهرُ والأصلُ، فنم تُغَلَّظْ، كسائرِ الأيْمانِ، ولأنَّها يَمِينٌ مَشْروعةٌ في جَنَبَةِ المُنْكِرِ ابْتِداءً، فلم تُغَلَّظْ بالتَّكْريرِ (٢)، كسائرِ الأيْمانِ، وبهذا فارَقَ ما ذكَرُوه.


(١) سقط من: م.
(٢) سقط من: الأصل.