فإنَّ القَسامةَ لا تَثْبُتُ حتى يَحضُرَ الغائِبُ، ويَبْلُغَ الصَّبِىُّ؛ لأَنَّ الحَقَّ لا يثْبُتُ إلَّا بالبَيَنةِ الكاملةِ، والبَيِّنَةُ أيمانُ الأوْلياءِ كلِّهمِ، والأيمانُ لا تَدخُلُها النِّيابَةُ، ولأَنَّ الحَقَّ إن كان قِصاصًا، فلا يُمكِنُ تبْعِيضُه، فلا فائدةَ في قَسامَةِ الحاضرِ والبالغِ، وإن كان غيرَه، فلا يثْبُتُ إلَّا بواسِطَةِ ثُبُوتِ القتلِ، وهو لا يتبَعَّضُ أيضًا. وقال القاضى: إن كان القتلُ (١) عَمْدًا، لم يُقْسِمِ الكبيرُ حتى يَبْلُغَ الصغيرُ، ولا الحاضرُ حتى يَقْدَمَ الغائِبُ؛ لأَنَّ حَلِفَ الكبيرِ الحَاضرِ لا يُفِيدُ شيئًا في الحالِ. وإن كان مُوجِبًا للمالِ، كالخَطَأ وشِبْهِ العَمدِ، فللحاضِرِ المُكَلَّفِ أن يَحلِفَ، ويَسْتَحِقَّ قِسْطَه مِن الدِّيَةِ. وهذا قولُ أبى بكرٍ، ومذْهبُ الشافعىِّ. واخْتَلفوا في كم يُقْسِمُ الحاضِرُ؟ فقال ابنُ حامدٍ: يُقْسِمُ بقِسْطِه مِن الأيْمانِ، فإن كان الأوْلِياءُ اثْنَيْن، أقْسَمَ الحاضِرُ خَمسًا وعِشْرين يَمِينًا، وإن كانوا ثلاثةً، أقْسَمَ سَبْعَ عَشْرةَ يَمِينًا، وإن كانوا أربعةً، أقسَمَ ثلاثَ عَشْرةَ يَمِينًا، وكلَّما