للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيُمْكِنُ إقامَتُه في مكانٍ غيرِ الحَرَمِ، ثم لو كان عامًّا، فإنَّ ما رَوَيْناه خاصًّا يُخَصُّ به، مع أنَّه قد خُصَّ ممَّا ذكرُوه الحامِلُ، والمريضُ المرْجُوُّ بُرْؤُه، فتأخَّر الحدُّ عنه، وتأخَّرَ (١) قتلُ الحامِلِ، فجازَ أن يُخَصَّ أيضًا بما ذَكَرْناه. والقِياسُ على الكلبِ العَقورِ لا يَصِحُّ، فإنَّ ذلك طبعُه الأَذَى، فلم يُحَرِّمْه الحَرَمُ ليُدْفَعَ أذاه عن أهلِه، وأمَّا الآدَمِىُّ، فالأصْلُ فيه الحُرْمَة، وحُرْمَتُه عَظِيمَة، وإنَّما أُبِيحَ (٢) لعارضٍ، فأشْبَهَ الصائِلَ مِن الحيواناتِ المُباحَةِ مِن المَأكُولاتِ، فإنَّ الحَرَمَ يَعْصِمُها. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه لا يُبايَعُ، ولا يُشارَى، ولا يُطْعَمُ، ولا يُؤْوَى، ويُقالُ له: اتَّقِ اللَّهَ واخْرُجْ إلى الحِلِّ؛ ليُسْتَوْفَى منك الحَقُّ الذى قِبَلَكَ. فإذا خَرَج اسْتُوفِىَ حَقُّ اللَّهِ منه. وهذا قولُ جميعِ مَن ذَكَرْناه. وإنَّما كان كذلك، لأنَّه لو أُطْعِمَ أو أُوِىَ، لتَمَكَّنَ مِن الإِقامَةِ دائِمًا، فيضِيعُ الحَقُّ الذى عليه، وإذا مُنِعَ مِن ذلك، كان وسيلةً إلى خُرُوجِه فيُقامُ فيه حَقُّ اللَّهِ تعالى. وليس علينا إطْعامُه، كما أنَّ الصَّيْدَ لا يُصادُ في الحَرَمِ، وليس علينا القيامُ به. قال ابنُ عباسٍ، رَحِمَه اللَّهُ: مَن أصابَ حَدًّا، فلَجَأ إلى الحَرَمِ، فإنَّه لا يُجَالَسُ، ولا يُبايَعُ، ولا يُؤْوَى، ويَأتِيه الذى. يَطْلُبُه، فيقولُ: أىْ فلانُ، اتَّقِ اللَّهَ. فإذا خَرَج مِن الحَرَمِ، أُقِيمَ عليه الحَدُّ. رَواه الأثرَمُ (٣). فإن قَتَل مَن له


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في الأصل: «صح».
(٣) وأخرجه ابن جرير، في تفسيره ٤/ ١٢، ١٣.