للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مالكٌ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: يُقامُ الحَدُّ في كلِّ مَوْضِعٍ؛ لأنُّ أمْرَ اللَّهِ تعالى بإقامَتِه مُطْلَقٌ في كلِّ مكانٍ وزمانٍ. إلَّا أنَّ الشافعىَّ قال: إذا لم يَكُنْ أميرُ الجيشِ الإِمامَ، أو أميرَ إقْليمٍ، فليس له إقامَتُه، ويُؤَخَّرُ حتى يأْتىَ الإِمامَ؛ لأَنَّ إقامةَ الحُدُودِ إليه، وكذلك إن كان بالمسلمين حاجَةٌ إلى المَحْدُودِ، أو قُوَّةٌ به، أو شُغْلٌ عنه، أُخِّرَ. وقال أبو حنيفةَ: لا حَدَّ ولا قِصاصَ في دارِ الحَرْب، ولا إذا رَجع. ولَنا، على وُجُوبِ الحَدِّ، أمْرُ اللَّهِ تعالى ورسولِه -صلى اللَّه عليه وسلم- به، وعلى تَأْخيرِه، ما روَى بُسْرُ بنُ أبى (١) أرْطاةَ، أنَّه أُتِى برجلٍ في الغَزاةِ قد سَرَق بُخْتِيَّةً (٢)، فقال: لولا أنِّى سَمِعْتُ رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ: «لا تُقْطَعُ الأيدِى في الْغَزَاةِ». لقَطَعْتُكَ. أخْرَجَه أبو داودَ وغيرُه (٣). ولأنَّه إجْماعُ الصَّحابةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، فروَى سعيدٌ (٤) بإسْنادِه عن الأحْوَصِ بنِ حَكيمٍ، عن أبِيه، أنَّ


(١) في ص: «بن أرطاة». وهو بسر بن أرطاة، ويقال: أبى أرطاة عمير بن عويمر القرشى، مختلف في صحبته. توفى سنة ٨٦ هـ. تهذيب التهذيب ١/ ٤٣٥، ٤٣٦.
(٢) أخرجه أبو داود، في: باب الرجل يسرق في الغزو، أيقطع؟، من كتاب الحدود. سنن أبى داود ٢/ ٤٥٣. والترمذى، في: باب ما جاء أنه لا تقطع الأيدى في الغزو، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٣١. والدارمى، في: باب في أن لا يقطع الأيدى في الغزو، سنن الدارمى ٢/ ٢٣١.
(٣) في: باب كراهية إقامة الحدود في أرض العدو، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ١٩٦.
(٤) كما أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب إقامة الحد على الرجل في أرض العدو، من كتاب الحدود. المصنف ١٠/ ١٠٢, ١٠٣.