للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} (١). قال بعضُ أهلِ العلمِ: المرادُ بقولِه: {مِنْ نِسَائِكُمْ} الثَّيِّبُ؛ لأَنَّ قَوْلَه: {مِنْ نِسَائِكُمْ}. [إضَافةٌ زَوْجِيَّةٍ] (٢)، كقولِه: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (٣). ولا فائدةَ في إضَافَتِه ههُنا نعْلَمُها إلَّا اعْتِبارُ الثيُوبَةِ، ولأنَّه قد ذَكَرَ عُقُوبَتَيْن إحْداهما أغْلَظُ (٤) مِن الأُخْرَى، فكانتِ الأغْلَظُ للثيِّبِ، والأُخْرَى للبِكْرِ، كالرَّجْمِ والجَلْدِ، ثم نُسِخَ هذا بما روَى عُبادَةُ بنُ الصَّامِتِ، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: «خُذُوا عَنِّى، خُذُوا عَنِّى، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، البِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بالثَّيِّب جَلْدُ مِائَةٍ والرَّجْمُ». رَواه مسلمٌ (٥). فإن قِيلَ: فكيفَ يُنْسَخُ القُرْآَنُ بالسُّنَّةِ؟ قُلْنا: قد ذَهَب أصحابُنا إلى جَوازِه؛ لأَنَّ الكلَّ مِن عندِ اللَّهِ، وإنِ اخْتَلَفَتْ طَرِيقُه، ومن مَنَع ذلك قال: ليس هذا نَسْخًا، إنَّما هو تَفْسِيرٌ للقُرْآنِ وتَبْيينٌ له؛ لأَنَّ النَّسْخَ رَفْعُ حُكْمٍ ظاهِرُه الإِطْلاقُ، فأمَّا ما كان مَشْرُوطًا بشَرْطٍ، وزال الشَّرْطُ، لا يكونُ نَسْخًا، وههُنا شَرَط اللَّهُ تعالى حَبْسَهُنَّ إلى أن يَجعَلَ


(١) سورة النساء ١٥، ١٦.
(٢) في م: «إضافة إلى زوجية».
(٣) سورة البقرة ٢٢٦.
(٤) في الأصل، تش: «أعظم».
(٥) في: باب حد الزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم ٣/ ١٣١٦، ١٣١٧.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الرجم، من كتاب الحدود. سنن أبى داود ٢/ ٤٥٥. والترمذى، في: باب ما جاء في الرجم على الثيب، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى ٦/ ٢٠٩، ٢١٠. وابن ماجه، في: باب حد الزنى، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٥٢. والدارمى، في باب تفسير قول اللَّه تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}، من كتاب الحدود. سنن الدارمى ٢/ ١٨١. والإمام أحمد في: المسند ٥/ ٣١٣، ٣١٧، ٣١٨، ٣٢٠، ٣٢٧.