للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نحوَ هذا. ولأنَّه حَدٌّ فيه قَتْلٌ، فلم يَجْتَمِعْ معه جَلْدٌ، كالرِّدَّةِ، ولأَنَّ الحُدُودَ إذا اجْتَمَعَتْ وفيها قَتْلٌ، سَقَط ما سِواهُ، فالحَدُّ الواحِدُ أَوْلَى. ووَجْهُ الرِّوايَةِ الأُولَى قولُه تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (١). وهذا عامٌّ، ثم جاءتِ السُّنَّةُ بالرَّجْمِ في حَقِّ الثَّيِّبِ، والتَّغْرِيبِ (٢) في حَقِّ البِكْرِ، فوَجَبَ الجمعُ بينَهما. وإلى هذا أشارَ علىٌّ بقولِه: جَلَدْتُها بكتابِ اللَّهِ، ورَجَمْتُها بسُنَّةِ رسولِ اللَّهِ. وقد صَرَّحَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوْلِه في حديثِ عُبادَةَ: «والثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ، الْجَلْدُ والرَّجْمُ» (٣). وهذا الصَّريحُ الثابِتُ بيَقِينٍ لا يُتْرَكُ إلَّا بمِثْلِه، والأحادِيثُ الباقِيَة ليست صَرِيحةً، فإنَّه ذَكَر الرَّجْمَ ولم يَذْكُرِ الجَلْدَ، فلا يُعارَضُ به الصَّرِيحُ، بدليلِ أنَّ التَّغْرِيبَ يجبُ بذِكْرِه في هذا الحديثِ، وليس بمَذْكُورٍ في الآيَةِ، ولأنَّه زانٍ، فَيُجْلَدُ كالبِكْرِ، ولأنَّه قد شُرِعَ في حَقِّ البِكرِ عُقوبَتانِ؛ الجَلْدُ، والتَّغْرِيبُ، فيكونُ الرجمُ (٤) مكانَ التَّغْرِيبِ. فعلى هذه الرِّوايةِ، يَبْدأُ بالجَلْدِ أوَّلًا، ثم يَرْجُمُ، فإن وَالَى بينَهما جاز؛ لأَنَّ إتْلافَه مقصودٌ، فلا تَضُرُّ المُوالاةُ بينَهما، وإن جَلَدَه يومًا ثم رَجَمَه في آخَرَ، جاز، كما فَعَل علىٌّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، جَلَد شُراحَةَ يومَ الخميسِ، ثم رَجَمَها يومَ الجُمُعةِ.


(١) سورة النور ٢.
(٢) في الأصل: «التعزير».
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ٢٣٦
(٤) في م: «الجلد في».